للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من حديث أنس بن مالك - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما من مسلم، يَغرِس غَرْسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمةٌ، إلا كان له به صدقة".

وأما الحديث الوارد في الذمّ وهو ما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" من حديث أبي أمامة الباهليّ - رضي اللَّه عنه -، قال -ورأى سِكَّةٌ، وشيئا من آلة الحرث- فقال: سمعت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، يقول: "لا يدخل هذا بيت قوم، إلا أدخله اللَّه الذُّلُّ". وفي رواية أبي نعيم في "المستخرج": "إلا أدخلوا على أنفسهم ذُلّا، لا يَخرُج عنهم إلى يوم القيامة".

فمحمول على ما إذا شغله ذلك عن الجهاد في سبيل اللَّه تعالى، والقيام بالواجبات، ولذلك قال الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في ترجمته لهذا الحديث -بعد ذكر "باب فضل الزرع والغرس": ما نصّه: "باب ما يُحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع، أو مجاوزة الحدّ الذي أُمر به". انتهى (١).

(ومنها): الحثّ على "الإحسان بمنح الأرض لمن يحتاج إلى زراعتها، وقد عمل بهذا الصحابة - رضي اللَّه عنهم -، ولذلك ترجم البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" بقوله: "باب ما كان من أصحاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يُواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمر"، ثم أورد حديث رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه - من طريق أبي النجاشيّ، عن رافع، عن عمه ظهير بن رافع - رضي اللَّه عنهما - الآتي رقم-٣٩٥٠ - إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): حرص الشارع على الحثّ في التراحم، والتعاطف، وعدم طلب المقابل على "الإحسان" والترغيب إلى ما فيه جلب المودّة والمحبّة، والترهيب عن ما يورث الشحناء، والبغضاء، والحقد، والحسد؛ فإن هذا هو سبب النهي عن المزارعة، كما بُين ذلك في بعض طرق حديث رافع - رضي اللَّه عنه -، فقد أخرج مسلم -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" عن حنظلة بن قيس الأنصاريّ، قال: سألت رافع بن خديج، عن كراء الأرض بالذهب والورق؟ فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، على الْمَاذْيَانَاتِ، وأَقْبَال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا، ويَسلَم هذا، ويسلم هذا، ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم، مضمون فلا بأس به. انتهى (٢).

(ومنها): ما كان عليه الصحابة - رضي اللَّه عنهم - من كمال إيمانهم، وتقديمهم أمر الشارع على


(١) راجع "صحيح البخاري" بنسخة "الفتح" ٥/ ٢٦٦ - ٢٦٨. "كتاب الحرث والمزارعة". رقم ٢٣٢٠ و ٢٣٢١.
(٢) راجع "صحيح مسلم" بنسخة شرح النوويّ ١٠/ ٤٤٩. رقم ٣٩٢٩.