لقوة الدليل، كما أسلفت في الباب السابق. والله أعلم.
المسألة السادسة: في اختلاف العلماء في ابتداء مدة المسح: قال النووي في المجموع ج ١ ص ٤٨٦: ماحاصله: مذهبنا ومذهب أبي حنيفة، وأصحابه، وسفيان الثوري، وجمهور العلماء، وهو أصح الروايتين عن أحمد، وداود: أن ابتداء المدة من أول حدث بعد لبس الخف، فلو أحدث ولم يمسح حتى مضى من بعد الحدث يوم وليلة أو ثلاثة إن كان مسافرا انقضت المدة، ولم يجز المسح بعد ذلك حتى
يستأنف لبسها على طهارة، وما لم يحدث لا تحسب المدة، فلو بقي بعد اللبس يوما على طهارة اللبس، ثم أحدث استباح بعد الحدث يوما وليلة إن كان حاضرا، وثلاثة أيام ولياليها إن كان مسافرًا.
وقال الأوزاعي، وأبو ثور: ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث، وهو رواية عن أحمد، وداود، وهو المختار الراجح دليلا، واختاره ابن المنذر، وحكي نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحكى الماوردي، والشاشي عن الحسن البصري أن ابتداءها من اللبس. واحتج القائلون من حين المسح بقوله - صلى الله عليه وسلم - "يمسح المسافر ثلاثة أيام"، وهي أحاديث صحاح، كما سبق، وهذا تصريح بأنه ثلاثة ولا يكون ذلك إلا إذا كانت المدة من المسح.
واحتج القائلون: من أول الحدث بعد اللبس برواية رواها الحافظ القاسم بن زكريا المطرزي في حديث صفوان "من الحدث إلى الحدث" وهي زيادة غريبة ليست ثابتة.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي رجحه النووي -رحمه الله- مع مخالفته لمذهبه هو عين التحقيق من هذا الإمام المحقق الجليل، حيث دار مع الدليل أينما دار، وما تجمد على المذهب، وهذا هو الذي يجب على