للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَمَا لَزِمَ) بكسر الزاي، من باب تَعِبَ (كُلَّ واحدٍ مِنْهُم فِي ذَلِكَ، مِنْ قَلِيلِ، وَمِنْ كَثِيرٍ) أي من الغرامات، والضمانات بسبب البيع والشراء (فَهُوَ لَازِمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهمْ جمِيعًا، وَمَا رَزَقَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ، مِنْ فَضْلِ، وَرِبْحٍ) عطف تفسير لـ"فضل" (عَلَى رَأسِ مَالِهِمُ المُسَمَّى مَبْلَغُهُ فِي هَذَا الكِتَابِ) أي وهو ثلاثون ألف درهم (فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا) أَي يقسم بينهم بالسويّة؛ لتساويهم فيَ رأس المال والعمل (وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ وَضِيعَةٍ) أي خسارة (وَتَبِعَةٍ) بفتح المثنّاة الفوقيّة، وكسر الموحّدة، بوزن كلمة: ما تطلُبُه من ظُلَامة، ونحوها، فيكون عطفه على ما قبله من عطف العامّ على الخاص (فَهُوَ عَلَيْهِم أَثْلَاثًا) أي لأن الغُرْم بالغُنْم، فإنهم لما استووا في الربح، لزم استواؤهم في الغرامات (عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمْ) فإن كلّ واحد منهم كان له ثلث المبلغ.

(وَقَد كُتِبَ هَذَا الكِتَابُ، ثَلَاثَ نُسَخِ مُتَسَاوِيَات، بِألفَاظٍ وَاحِدَةٍ، فِي يَدِ كُل واحدٍ مِنْ فُلَانٍ، وَفُلَانٍ، وَفُلَانٍ، وَاحِدَةٌ وَثِيقَةٌ لَهُ) أي عهد موثّق، أي محكم له من صاحبيه، قال في "اللسان": الوثيقة في الأمر: إحكامه، والأخذ بالثقة، والجمع الوثائق. انتهى.

(أَقَرَّ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ) أي الشركاء الثلاثة الذين جرى بينهم كتابة هذه الوثيقة. واللَّه تعالى أعلمِ بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

(شَرِكَةُ مُفَاوَضةٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُهَا):

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: معنى: "شركة المفاوضة": أن يشترك اثنان في كلّ شيء في أيديهما، أو فيما يستفدانه فيما بعدُ. أفاده ابن منظور. وقال الفيّوميّ: شرِكة المفاوضة أن يكون جميع ما يملكانه بينهما. انتهى.

وإنما قال: "على مذهب من يُجيزها"؛ لأن هذه الشركة قد اختلف فيها العلماء.

قال العلامة ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: وأما شركة المفاوضة، فنوعان:

[أحدهما]: أن يشتركا في جميع أنواع الشركة، مثل أن يجمعا بين شركة العنان، والوجوه، والأبدان، فيصحّ ذلك؛ لأن كلّ نوع منها يصحّ على انفراده، فصحّ مع غيره.

و [الثاني]: أن يُدخلا بينهما في الشركة الاشتراك فيما يحصل لكلّ واحد منهما من ميراث، أو يجده من ركاز، أو لقطة، ويلزم كلّ واحد منهما ما يلزم الآخر، من أرش جناية، وضمان غصب، وقيمة مُتلَف، وغَرَامة الضمان، أو كفاله، فهذا فاسدٌ، وبهذا قال الشافعيّ. وأجازه الثوريّ، والأوزاعيّ، وأبو حنيفة، وحُكي ذلك عن مالك.

وشَرَط أبو حنيفة لها شُروطًا، وهي أن يكونا حرّين مسلمين، وأن يكون مالهما في