(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، وفي رواية للبخاريّ تصريح حميد الطويل بالتحديث، ولفظه: قال ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثنا حميد، حدثنا أنس، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.
وقال علي بن عبد اللَّه، حدثنا خالد بن الحارث، قال: حدثنا حميد، قال: سأل ميمون بن سياه، أنس بن مالك، قال: يا أبا حمزة ما يُحرِّم دمَ العبد وماله؟ فقال:"من شهد أن لا إله إلا اللَّه، واستقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم".
قال في "الفتح": لَمّا لم يكن في قول حميد: "سأل ميمون بن سياه أنسًا" التصريح بكونه حضر ذلك عقبه بطريق يحيى بن أيوب التي فيها تصريح حُميد بأن أنسًا حدّثهم؛ لئلا يُظنّ أنه دلّسه، ولتصريحه أيضًا بالرفع، وإن كان للأخرى حكمها. وقد روينا طريق يحيى بن أيوب موصولةً في "الإيمان" لمحمد بن نصر، ولابن منده، وغيرهما، من طريق ابن أبي مريم المذكور.
وأعلّ الإسماعيليّ طريق حميد المذكورة، فقال: الحديث حديث ميمون، وحُميد إنما سمعه منه، واستدلّ على ذلك برواية معاذ بن معاذ، عن حميد، عن ميمون، قال: سألتُ أنسًا، قال: وحديث يحيى بن أيوب لا يُحتجّ به -يعني في التصريح بالتحديث- قال: لأن عادة البصريين، والشاميين ذكر الخبر فيما يروونه.
قال الحافظ: هذا التعليل مردودٌ، ولو فُتح هذا الباب لم يوثق برواية مدلّس أصلاً، ولو صرّح بالسماع، والعمل على خلافه، ورواية معاذ لا دليل فيها على أن حميدًا لم يسمعه من أنس؛ لأنه لا مانع أن يسمعه من أنس، ثم يستثبت فيه من ميمون؛ لعلمه بأنه كان السائلَ عن ذلك، فكان حقيقًا بضبطه، فكان حُميد تارةً يُحدِّث به عن أنس لأجل العلوّ، وتارة عن ميمون؛ لكونه ثبته فيه، وقد جرت عادة حميد بهذا، يقول: حدّثني أنسٌ، وثبّتني فيه ثابت، وكذا وقع لغير حُميد. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم.
(عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "أُمِرْتُ) بالبناء للمفعول: أي أمرني اللَّه؛ لأنه لا أمر لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إلا اللَّه، وقياسه في الصحابيّ، إذا قال: أُمرتُ، فالمعنى أمرني رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولا يحتمل أن يُريد أمرني صحابيّ آخر؛ لأنهم من حيث إنهم مجتهدون لا