٦ - (عبد اللَّه) بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - ٣٥/ ٣٩. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله عندهم رجال الصحيح غير شيخه كما مرّ آنفًا. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه، وإسحاق، فواسطيان. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أَوَّلُ) مبتدأٌ، مضاف إلى (مَا) اسم موصول، أو نكرة موصوفة (يُحَاسَبُ) بالبناء للمفعول (بِهِ) الباء سببيّة، ويحتمل أن تكون بمعنى "عن": أي أوّل الذي، أو أول شيء يُحاسب بسببه العبد من أعماله، أو أول الذي، أو أول شيء يُحاسب عنه العبد من الأعمال (الْعَبْدُ) بالرفع على أنه نائب الفاعل (الصَّلَاةُ) بالرفع على الخبريّة لـ"أول". والمراد بها هنا الفريضة، بدليل قوله في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - المتقدّم في "كتاب الصلاة" ٩/ ٤٦٥ - : "إن أول ما يُحاسب به العبد صلاته إلى أن قال- فإن انتقص من فريضته شيء، قال: انظروا هل لعبدي من تطوّع، فيكمل به ما نقص من فريضته" الحديث.
(وَأَوَّلُ مَا يُقْضَي بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ") "ما" موصول حرفيّ، والفعل مبنيّ للمفعول، والجار والمجرور متعلّق بمحذوف، والتقدير: أول القضاء القضاء في الأمر المتعلّق بالدماء، التي وقعت بَيْن الناس في الدُّنْيَا. وَيَحتَمِل أن يَكُون "ما" موصولا اسميًّا، أو نكرة موصوفة، والتقدير: أَوَّلُ الذي، أول شيء يُقْضَى فِيهِ الأَمر الْكَائِن في الدِّمَاء.
[قلت]: يُجمع بينهما بأن هذا في حقّ اللَّه تعالى، وذلك في حقوق الآدميين فيما بينهم. أو هذا من فعل السيّئات، وذاك من ترك العبادات. وقيل: المحاسبة غير القضاء، فتكون المحاسبة أوّلًا في الصلاة، ويكون القضاء أوّلًا في الدماء. وقيل: غير ذلك. وقد تقدّم تمام البحث في هذا في "كتاب الصلاة" بالرقم الماضي، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.