وأما قوله: إنه مولد فإنه خطأ منه؛ لأنه قد جاء ذلك في حديث سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي أشعار العرب الفصحاء.
وذكر ابن السكيت في كتابه الألفاظ باب الحوائج: يقال في جمع حاجة حاجات، وحاج، وحوَج، وحوائج. وقال سيبويه في كتابه، في ما جاء فيه تَفَعَّل، واستفعل بمعنى، يقال: تنجز فلان حوائجه، واستنجز حوائجه. وذهب قوم من أهل اللغة إلى أن حوائج يجوز أن يكون جمع حوجاء، وقياسها حواج، مثل صَحَار، ثم قدمت الياء على الجيم، فصار حوائج، والمقلوب في كلام العرب كثير. والعرب تقول: بُدَاءَاتُ حوائجك، في كثير من كلامهم. وكثيرا ما يقول ابن السكيت: إنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين، والرواحات، وإنما غَلَّطَ الأصمعيَّ (١) في هذه اللفظة كما حكى عنه حتى جعلها مولدة كونها خارجة عن القياس؛ لأن ما كان على مثل الحاجة مثل غارة وحارة لا يجمع على غوائر وحوائر، فقطع بذلك على أنها مولدة، غير فصيحة، على أنه قد حكَى الرقاشي، والسجستاني عن عبد الرحمن، عن الأصمعي، أنه رجع عن هذا القول، وإنما هو شيء كان عرض له
من غير بحث، ولا نظر، قال: وهذ الأشبه به لأن مثله لا يجهل ذلك إذ كان موجودا في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلام العرب الفصحاء، وكأن الحريري لم يمر به إلا القول الأول عن الأصمعي، دون الثاني. والله أعلم. اهـ لسان.
(فلما حضرت العصر) أي حضر وقت صلاتها (أتي) بالبناء للمجهول، أي جاءه الناس (بتور) بفتح التاء وسكون الواو. قال في اللسان ج ٤ ص ٩٦: التَّور من الأواني: مذكر، قيل: هو عربي، قيل: دخيل. قال الأزهري: التور: إناء معروف تذكّره العرب، تشرب فيه. اهـ لسان.
(١) الأصمعي بالنصب مفعول مقدم، والفاعل قوله: كونها خارجة عن القياس.