للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالشَّبَه، وَفُلَان نِدّ فُلَان، وَنَدِيده، وَنَدِيدَتُهُ: أَيْ مِثْله. انتهى (١).

(وَهُوَ خَلَقَكَ) جملة في محلّ نصب على الحال، أي والحال أن اللَّه تعالى هو الذي خلقك، وحده، دون أن يشاركه في ذلك أحد، حتى يَشَرَّك في العبادة. قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هو نحو قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢]، ومعناه أَنَّ اتّخاذ الإنسان إلهًا غير خالقه المنعم عليه، مع علمه بأن ذلك المتّخذ ليس هو الذي خلقه، ولا الذي أنعم عليه، من أقبح القبائح، وأعظم الجهالات، وعلى هذا، فذلك أكبر الكبائر، وأعظم العظائم. انتهى (٢).

قال ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - (قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟) أي ثمّ أي شيء يكون أعظم ذنبًا عند اللَّه تعالى؟.

قيل: الصواب أن "أَيُّ" هنا غير منوّن؛ لأنه غير موقوف عليه في الكلام، والسائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه، فتنوينه، ووصله بما بعده خطأٌ، فيوقف عليه وقفةً لطيفة، ثم يؤتى بما بعده. قاله الفاكهيّ. وحكى ابن الجوزيّ عن ابن الخشّاب الجزم بتنوينه؛ لأنه معربٌ، غير مضاف. وتُعُقّب بأنه مضافٌ تقديرًا، والمضاف إليه محذوفٌ لفظًا، والتقدير: ثمّ أيُّ الذنب أعظم؟ فيُوقف عليه بلا تنوين. (٣).

(قَالَ) - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - (أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ) أي لأجل خوفك أن يشاركك في طعامك. وقال في "الفتح": أي من جهة إيثار نفسه عليه عند عدم ما يكفي، أو من جهة البخل مع الوجدان. انتهى (٤).

وخصّ الطعام بالذكر؛ لِأَنَّهُ كَانَ الأَغْلَب مِنْ حَال الْعَرَب.

قال القرطبيّ - رضي اللَّه تعالى عنه -: هذا من أعظم الذنوب؛ لأنه قتلُ نفسٍ محرّمة شرعًا، محبوبةٍ طبعًا، مرحومة عادةً، فإذا قتلها أبوها كان ذلك دليلًا على غلبة الجهل، والبخل، وغِلَظ الطبع، والقسوة، وأنه قد انتهى من ذلك كلّه إلى الغاية القصوى، وهذا نحو قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} الآية [الأنعام: ١٥١]، أي فقر، وهو خطاب لمن كان فقره حاصلًا في الحال، فيُخفّف عنه بقتل ولده مؤنته من طعامه، ولوازمه، وهذه الآية بخلاف الآية الأخرى التي قال فيها: {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: ٣١]، فإنه خطابٌ لمن كان واجدًا لما يُنفق عليه في الحال، غير أنه يقتله


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٨٠.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٨٠.
(٣) راجع "الفتح" ٢/ ١٩١ "كتاب الصلاة" رقم الحديث ٥٢٧.
(٤) "فتح" ٩/ ٤٣٩. "كتاب التفسير".