للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدار. أفاده في "القاموس" (فَدَخَلَ عُثْمَانُ يَوْمًا) أي دخل ذلك المكان، ففي رواية أحمد: "فدخل ذلك المدخل" (ثُمَّ خَرَجَ) ولفظ أحمد: "وخرج إلينا" (فقال: إِنَّهُمْ لَيَتَوَاعَدُونِي بِالْقَتْلِ) من المواعدة، ولفظ أحمد: "إنهم يتوعّدوني بالقتل آنفًا"، من التوعّد: أي يتهدّدوني، يقال: توعّدته: تهدّدته، والمعنى أنهم يهدّدونه بأن يقتلوه، والقاتلون هم أهل مصر.

وسبب قتله -كما ذكره في "الإصابة" أن أمراء الأمصار كانوا من أقاربه، كان بالشام كلّها معاوية، وبالبصرة سعيد بن العاص، وبمصر عبد اللَّه بن سعيد بن أبي سَرْح، وبخراسان عبد اللَّه بن عامر، وكان من حجّ منهم يشكو من أميره، وكان عثمان ليّن الْعرِيكة" (١)، كثير الإحسان والحلم، وكان يستبدل ببعض أمرائه، فيُرضيهم، ثم يُعيده بعدُ، إلى أن دخل أهل مصر يشكون من ابن أبي سَرْحٍ، فعزله، وكتب لهم كتابًا بتولية محمد بن أبي بكر الصّدّيق، فرضُوا بذلك، فلما كانوا في أثناء الطريق، رأوا راكبًا على راحلة، فاستخبروه، فأخبرهم أنه من عند عثمان باستقرار ابن أبي سَرْحٍ، ومعاقبة جماعة من أعيانهم، فأخذوا الكتاب، ورجعوا، وواجهوه به، فحلف أنه ما كتب، ولا أذن، فقالوا: سَلَّمْنا كاتبك، فخشي عليه منهم القتل، وكان كاتبه مروان بن الحكم، وهو ابن عمّه، فغضبوا، وحصَرُوه في داره، واجتمع جماعةٌ، يحمونه منهم، فكان ينهاهم عن القتال، إلى أن تسوّروا عليه من دار إلى دار، فدخلوا عليه، فقتلوه، فعظُم ذلك على أهل الخير من الصحابة وغيرهم، وانفتح باب الفتنة، فكان ما كان، وباللَّه تعالى المستعان. انتهى (٢).

(قُلْنَا: يَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ، قال: فَلِمَ يَقْتُلُونِّي؟، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَقُولُ)

وفي رواية للإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- في "مسنده" من طريق محمد بن عبد الرحمن بن مجبر، عن أبيه، عن جدّه، أن عثمان - رضي اللَّه عنه -، أشرف على الذين حصروه، فسلم عليهم، فلم يردّوا عليه، فقال عثمان - رضي اللَّه عنه -: أفي القوم طلحة؟ قال طلحة: نعم، قال: فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، أُسَلِّم على قوم، أنت فيهم، فلا ترُدُّون؟ قال: قد رددتُ، قال: ما هكذا الردُّ، أسمعك ولا تسمعني، يا طلحة أنشُدُك اللَّه، أسمعت النبيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "لا يُحِلُّ دم المسلم، إلا واحدة من ثلاث، أن يكفر بعد إيمانه، أو يزني بعد إحصانه، أو يَقتُل نفسا فيقتل بها"، قال: اللَّهم نعم، فكبّر عثمان، فقال: واللَّه ما أنكرت اللَّهَ منذ عرفته، ولا زنيت، في جاهلية ولا إسلام، وقد تركته في


(١) يقال: رجلٌ ليّنُ العَرِيكة: سَلِسُ الخُلُق. اهـ ق.
(٢) "الإصابة" ٦/ ٣٩٢ - ٣٩٣.