بالبصريين. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيّ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: أَغْلَظَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) يقال: أغلظ له في القول إغلاظا: إذا عنّفه، والمعنى أن رجلاً عنّف أبا بكر - رضي اللَّه تعالى عنه - على أمر، إما على قسمة شيء، كما قال ذلك المنافق للنبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - حينما قسم الغنيمة: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه، أو على أمر آخر. واللَّه تعالى أعلم. قال أبو برزة - رضي اللَّه تعالى عنه - (فَقُلْتُ: أَقْتُلُهُ) وفي الرواية الآتية: "ألا أضرب عنقه؟ "، وفي رواية:"قال: غضب أبو بكر على رجل غضبًا شديدا، حتى تغيّر لونه، قلت: يا خليفة رسول اللَّه، واللَّه لو أمرتني لأضربنّ عنقه، فكأنما صُبّ عليه ماء بارد، فذهب غضبه عن الرجل"(فَانْتَهَرَنِي) أي زجرني عن قتله (وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا) أي قتل من أساء إلى وليّ الأمر، وأغضبه (لِأَحَدٍ، بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) قال الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- مفسّرًا كلام أبي بكر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا: أي لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلاً إلا بإحدى ثلاث التي قالها رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "كُفرٌ بعد إيمان، أو زنًا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس"، وكان للنبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - أن يقتل. انتهى. ذكره أبو داود في "سننه"(١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي بكر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-١٦/ ٤٠٧٣ و ١٧/ ٤٠٧٤ و ٤٠٧٥ و ٤٠٧٦ و ٤٠٧٧ و ٤٠٧٨ و ٤٠٧٩ - وفي "الكبرى" ١٦/ ٣٥٣٤ و ١٧/ ٣٥٣٥ و ٣٥٣٦ و ٣٥٣٧ و ٣٥٣٨ و ٣٥٣٩ و ٣٥٤٠. وأخرجه (د) في "الحدود" ٤٣٦١ (أحمد) في "مسند العشرة"، وصححه الحاكم في "مستدركه". واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة) في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان حكم من سبّ النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، وهو القتل، ووجه الاستدلال أنّ قول أبي بكر - رضي اللَّه تعالى
(١) راجع "سنن أبي داود" في "كتاب الحدود" ١٢/ ١٩ - ٢٠. بنسخة "عون المعبود".