للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكان بِجلافِ ما أخبر بِهِ.

وقال المهلب: صوْن النَّبِيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من الشياطِين، لا يمنع إِرادتهم كيدهُ، فقد مضى في "الصحيحِ"، أن شيطانًا أراد أتى يُفسِد عليهِ صلاته، فأمكنهُ اللَّه مِنهُ، فكذلِك السحر ما نالهُ من ضرره، ما يُدخِل نفصا على ما يتعلّق بِالتبليغِ، بك هُو من جِنس ما كان ينالهُ، من ضرر سائِر الأمراض، مِن ضعف عن الكلام، أوْ عجز عن بعض الفِعل، أوْ حُدُوث تخيل لا يستمِرّ، بك يزُول، ويُبطِل اللَّه كيد الشياطِين.

واشتدل ابن القصار على أنَّ الذِي أصابهُ، كان من جنس المرض، بقوْلِهِ في آخِر الحديث: "فأما أنا فقد شفاني اللَّه".

وفِي الاستِدلال بِذلِك نظر، لكن يُؤيد المُدَّعى أن في رِواية عمرة، عن عائشة، عِبد البيهقِى في "الدَّلائل": "فكان يدُور ولا يدرِي ما وجعه". وفِي حدِيث ابن عبّاس، عِند ابن سعد: "مرِض النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأُخِذ عن النساء، والطعام، والشَّراب، فهبط عليهِ ملكانِ … " الحدِيث. انتهى (١).

(فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَام) وفي حديث عائشة المذكور: "حتى إذا كان ذات يوم، أو ذات ليلة، وهو عندي، لكنه دعا، ودعا، ثم قال: "يا عائشة أشعرتِ أن اللَّه أفتاني فيما استفتيته فيه؟، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؛ فقال: مطبوب، قال: من طبه؛ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أيّ شيء؛ قال: في مُشْط ومشاطة، وجُفّ طَلْع نخلةٍ ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذَرْوَان، فأتاها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في ناس من أصحابه، فجاء، فقال: "يا عائشة، كأن ماءها نُقَاعة الْحِنَّاء، أو كأن رءوس نخلها، رءوس الشياطين"، قلت: يا رسول اللَّه أفلا استخرجته؛ قال: قد عافاني اللَّه، فكرهت أن أُثير على الناس فيه شرا" فأمر بها فدفنت.

قال الحافظ: وقع في رواية معمر عند أحمد، ومرجّا بن رجاء عند الطبرانيّ، كلاهما عن هشام: "أتاني ملكان"، وسمّاهما ابن سعد في رواية منقطعة: جبريل، وميكائيل. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لا تنافي بين حديث عائشة، وحديث زيد بن أرقم - رضي اللَّه تعالى عنهما -، حيث أفرد جبريل بالذكر؛ لإمكان الجمع بأن جبريل لَمّا كان هو المسؤول، ومكاثيل هو السائل، أفرده بالذكر؛ لفضله. واللَّه تعالى أعلم.


(١) "فتح" ١١/ ٣٩٠ - ٣٩١ "كتاب الطبّ". رقم ٥٧٦٣.