للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرواة اختلفوا على هشام في إخراج السحر المذكور، فأثبته سفيان، وجعل سؤال عائشة عن النُّشرة، ونفاه عيسى بن يونس، وجعل سؤالها عن الاستخراج، ولم يذكر الجواب، وصرّح به أبو أسامة، قال: والنظر يقتضي ترجيح رواية سفيان؛ لتقدّمه في الضبط. ويؤيّده أن النَّشْرة لم تقع في رواية أبي أسامة، والزيادة من سفيان مقبولة؛ لأنه أثبتهم، ولا سيّما أنه كرّر استخراج السحر في روايته مرّتين، فيبعد من الوهم، وزاد ذكر النشرة، وجعل جوابه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - عنها بـ "لا" بدلاً عن الاستخراج. قال: ويحتمل وجهّا آخر، فذكر ما مُحصَّله: أن الاستخراج المنفيّ في رواية أبي أُسامة غير الاستخراج المثبت في رواية سفيان، فالمثبت هو استخراج الْجُفّ، والمنفيّ استخراج ما حواه. قال: وكأنّ السرّ في ذلك أن لا يراه الناس، فيتعلّمه من أراد استعمال السحر.

قال الحافظ: وقع في رواية عمرة: (فاستخرج جُفّ طلعة، من تحت راعوفة وفي حديث زيد بن ارقم: "فأخرجوه، فرموا به"، وفي مرسل عمر بن الحكم أن الذي استخرج السحر قيس بن محصن. كلّ هذا لا يُخالف الحمل المذكور، لكن في آخر رواية عمرة، وفي حديث ابن عبّاس: أنهم وجدوا وَتَرًا، فيه عُقد، وأنها انحلّت عند قراءة المعوّذتين، ففيه إشعار باستكشاف ما كان داخل الْجُفّ، فلو كان ثابتًا لقدَح في الجمع المذكور، لكن لا يخلو إسناد كلّ منهما من الضعف. انتهى (١).

(فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي برىء من مرضه. وفي حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى - عنها، من رواية عمرة عنها: أنه وجد في الطلعة تمثالأ من شمع، تمثال رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، وإذا فيه إِبَرٌ مغروزة، وإذا وَتَرٌ فيه إحدى عشر عُقدةً، فنزل جبريل بالمعوْذتين، فكلّما قرأ آيةً انحلّت عُقْدة، وكلّما نزع إبرة وجد لها ألمًا، ثم يجد بعدها راحة". وفي حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - نحوه. وفي حديث زيد بن أرقم - رضي اللَّه تعالى عنه - عند عبد بن حُميد وغيره: "فأتاه جبريل، فنزل عليه بالمعوّذتين"، وفيه: "فأمره أن يحُلّ العقد، ويقرأ آية، فجعل يقرأ، ويحُلّ، حتى قام كأنّما نشط من عقال". وعند ابن سعد من طريق عمر مولى غُفْرة، معضلاً: "فاستخرج السحر من الجنّة من تحت البئر، ثم نزعه، فحلّه،، فكُشِف عن رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -. ذكره في "الفتح" (٢).

(كَأنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ) ببناء الفعل للمفعول: أي حُلّ من رِباطه. قال ابن الأثير في


(١) "فتح" ١١/ ٤٠٠ "كتاب الطبّ" رقم ٥٧٦٥.
(٢) "فتح" ١١/ ٣٩٤.