وقولُهُ "من أُرِيد مالُهُ" بِالرَّفع: أي الإنسانُ الذِي أراد إِنسان آخرُ أن يأخُذ مالهُ. وقوله: "بِغيرِ حقّ": أي ظُلْمًا. وقوله: "فقاتل": أي ذَلِكَ الإنسانُ الّذِي هُو مالِكُ المال، دُون مالِهِ وقوله: "فقُتِل" بصِيغةِ المجهول، أيْ مالِكُ المال. وقوله: "فهُو شهِيدٌ": أفي مالِكُ المالِ المقتُولُ، أيْ في حُكم الآخِرةِ.
وقول المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-: "هذا خطأ، والصواب حديث سُعير بن الخِمْس"، أراد به أن الصواب كون حديث عبد اللَّه بن الحسن، عن عكرمة، عن عبد اللَّه بن عمرو، كما رواه سُعير بن الخمس، لا عن عبد اللَّه بن الحسن، عن إبراهيم بن محمد ابن طلحة، عن عبد اللَّه بن عمرو، كما رواه سفيان الثوريّ، هذا الذي يظهر من كلامه -رحمه اللَّه تعالى-.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن لم يظهر لي وجه تصويبه رواية سُعير بن الْخمس السابقة، وتخطئته رواية سفيان هذه، فإن كان لموافقتها لرواية محمد بن عبد الرحمن السابقة، حيث إنه رواها عن عكرمة، عن عبد اللَّه بن عمرو، بخلاف رواية سفيان، فإنه خالفه في ذلك، فجعله عن عبد اللَّه بن حسن، عن إبراهيم بن محمد، عن عبد اللَّه بن عمرو، فهذا لا يضرّ، فإن سفيان إمام ثقة حافظ متقنٌ، ومع ذلك لم ينفرد به، بل تابعه عليه عبد العزيز بن المطّلب، وهو صدوقٌ، فقد أخرجه الترمذيّ، عن بندار، عن أبي عامر العقديّ، عن عبد العزيز بن المطّلب، عن عبد اللَّه بن حسن، عن إبراهيم بن محمد، عن عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه تعالى عنه -، ثم قال الترمذيّ: حسن صحيح (١).
فالذي يظهر أن الحديث صحيح، من كلتا الطريقين.
وله أيضًا طريق آخر، فقد أخرجه ابن ماجه في "الحدود" عن بندار، بسند الترمذيّ، لكنه قال: عن عبد اللَّه بن الحسن، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه -. قال الحافظ في "النكت الظراف": فكأنّ لعبد اللَّه بن الحسن فيه شيخان. انتهى.
والحاصل أن الحديث صحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤٠٩١ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ طَلْحَةَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ, فَهُوَ شَهِيدٌ»).
(١) هكذا في "تحفة الأشراف" ٦/ ٢٧٩ عزه إلى الترمذيّ، والذي في النسخة الموجودة عندي لفظ "حديث حسن" فقط، ولعله لاختلاف النسخ. واللَّه تعالى أعلم.