للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين الثقات يروي بعضهم عن بعض: الأعمش، عن خيثمة، عن سُويد. (ومنها): أن صحابيّه - رضي اللَّه عنه - أحد الخلفاء الراشدين، والعشرة المبشّرين بالجنّة، صاحب المناقب الجمّة - رضي اللَّه تعالى عنهم - أجمعين. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن عَليّ) بن أبي طالب - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ) في رواية الشيخين، وغيرهما: "قال عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه -: إذا حدّثتكم عن رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - حديثًا، فو اللَّه لأن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من أن أكذب عليه، وإذا حدّثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خُدْعةٌ" (سَمِعْتُ رسُول اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يقُولُ: يَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ) كذا وقع في هذه الرواية، وفي حديث أبي برزة الآتي بعد هذا: "يخرج في آخر الزمان قومٌ"، وهذا قد يُخالف حديث أبي سعيد المذكور قبل هذا، فإن فيه عند الشيخين وغيرهما: "يخرجون على حين فُرقة من الناس"، ومقتضى هذا أنهم خرجوا في خلافة عليّ، وكذا أكثر الأحاديث الواردة في أمرهم.

وأجاب ابن التين بأن المراد زمان الصحابة. قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأن آخر زمان الصحابة كان على رأس المائة، وهم قد خرجوا قبل ذلك بأكثر من ستّين سنة. ويمكن الجمع بأن المراد بآخر الزمان زمان خلافة النبوّة، فإن في حديث سفينة - رضي اللَّه تعالى - عنه المخرّج في "السنن"، و"صحيح ابن حبّان"، وغيره، مرفوعًا: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تفسير مُلْكًا"، وكانت قصّة الخوارج، وقتلهم بالنهروان في أواخر خلافة عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه - سنة ثمان وعشرين بعد موت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بدون الثلاثين بنحو سنتين.

(أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ) -بفتح الهمزة- جمع حدث بفتحتين، وهو الصغير السنّ، و"الأسنان" بفتح الهمزة أيضًا: جمع سنّ، والمراد به العمر، وهو كناية عن كونهم شبابًا (سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ) بفتح الهمزة: جمع حِلْم بكسر، فسكون، والمراد العقل، والمعنى أن عقولهم رديئة.

قال النوويّ: يُستفاد منه أن التثبّت، وقوّة البصيرة تكون عند كمال السنّ، وكثرة التجارِب، وقوّة العقل. وتعقّبه الحافظ بأنه لم يظهر له وجه الأخذ منه، فإن هذا معلوم بالعادة، لا من خصوص كون هؤلاء كانوا بهذه الصفة. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي لا وجه لتعقّب الحافظ لكلام النوويّ، فإن استنباطه - فيما يظهر- صحيح، فليُتأمّل. واللَّه تعالى أعلم.