قال: ورواه عبد الرحمن بن مهدي، وغيره، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا، وهذا أصح من حديث وكيع. أي هذا المرسل الذي رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة بدون ذكر "عن أبيه" أصح من حديث وكيع الذي رواه عن سفيان، عن محارب مسندا بذكر "عن أبيه" ووجه كون المرسل أصح لأن رواته أكثر.
"تنبيه" اعلم أن سفيان روى هذا الحديث عن شيخين: علقمة بن مرثد، ومحارب بن دثار، واختلاف أصحاب سفيان في روايته مرسلا، ومسندا أنما هو في روايته عن محارب، لا في روايته عن علقمة، فإن أصحابه لا يختلفون في روايته عن علقمة في الإسناد والإرسال، بل كلهم متفقون في روايته مسندا. انتهى تحفة الأحوذي ج ١ ص ١٩٥.
قال الجامع: رواية المصنف، ومسلم من طريق علقمة، فلا كلام فيها والله أعلم.
المسألة الخامسة: في فوائد هذا الحديث:
من فوائده: أنه يدل على جواز تأدية الصلوات المفروضة بوضوء واحد وعلى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب قبل هذا على الوضوء لكل صلاة، عملا بالأفضل، وعلى جواز سؤال المفضول الفاضل عن بعض أعماله التي في ظاهرها مخالفة للعادة الشرعية؛ لأنها قد تكون عن نسيان فيرجع عنه، وقد تكون عمدا لمعنى خفي على المفضول فيستفيده، وعلى أنه ينبغي للمسئول إجابة السائل. أفاده في المنهل ج ٢ ص ١٦٨.
وأما اختلاف العلماء في حكم المسألة: فقد تقدم في المسائل التي في آخر حديث أنس رضي الله عنه في أول الباب فارجع إليه. والله أعلم.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".