للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بسببها أن لا يموت على الإسلام.

وهذا فيما إذا كانت للمسلمين جماعة، وامام، وأمكنه الدخول معهم، فتركه، فإن لم يكن أمرهم منتظمًا، بل كان فوضى، فلا شيء عليه، بل يلزم بيته، ويشتغل بأمر نفسه، ويدع أمر العامّة، فقد فصّل النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - هذا الأمر تفصيلاً، لم يبق معه التباس، وذلك في سؤالات حذيفة - رضي اللَّه تعالى عنه - في هذا الأمر، فقد أخرج الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه"، فقال:

حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر، حدثني بسر بن عبيد اللَّه الحضرمي، أنه سمع أبا إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان، يقول: كان الناس يسألون رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، إنا كنا في جاهلية وشرّ، فجاءنا اللَّه بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم"، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دَخَنٌ"، قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يَهدُون بغير هدي، تَعرِف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم دُعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها، قذفوه فيها"، قلت: يا رسول اللَّه، صفهم لنا، قال: "هم من جِلْدتنا، ويتكلمون بألسنتنا"، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام؟ قال: "فاعتزِل تلك الفِرق كُلَّها، ولو أن تَعَضَّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك".

فقد أوضح رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - في هذا الحديث كيف يعيش المسلم في أيّ زمان، وفي أيّ مكان، ومع أيّ أناس، فما أشمل هذا النصّ، وأكمله، وأنبله، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤].

(ومنها): أن فيه أن ارتكاب المعاصي والفجور، لا يُخرج عن الملّة، أيا كان نوعه، إلا بالارتداد عن الإسلام صريحًا، أعاذنا اللَّه تعالى من ذلك، ومن كلّ سوء، بمنّه، وكرمه، إنه جواد كريم، رؤوفٌ رحيم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤١١٧ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ, عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ, يُقَاتِلُ عَصَبِيَّةً, وَيَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ, فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ».

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عِمْرَانُ الْقَطَّانُ, لَيْسَ بِالْقَوِيِّ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "عبد الرحمن": هو ابن مهديّ. و"عمران القطّان":