و"أبو الضّحى": هو مسلم بن صُبيح الكوفيّ، ثقة فاضلٌ [٤] ٩٦/ ١٢٣.
والسند مسلسل بالكوفيّين، غير شيخه، فنيسابوريّ، وفيه ثلاثة من التابعين، يروي بعضهم عن بعض: الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروق.
وقوله: "لا يؤخذ الرجل بجناية أبيه الخ" يعني أنه لا يجوز أن يؤاخذ أحدٌ بسبب جناية أبيه، أو أخيه، بأن يجب عليهما القصاص، أو الحدّ، أو يُتلفا شيئًا، فلا يُقتصّ منه، ولا يقام عليه الحدّ، ولا يضمن ما أتلفا، هذا في العمد، وأما الخطأ، فإن العاقلة تتحمّل الدية عن الجاني.
ويحتمل أن يكون المراد المؤاخذة في الآخرة، فلا يعاقب أحدٌ بسبب جناية أبيه، أو أخيه.
[فإن قيل]: إنه قد يُعاقب بسببهما، وذلك إذا تركهما يفعلان الجناية، وهو يقدر على الأخذ بأيديهما.
[أجيب]: بأن هذه المعاقبة بفعل نفسه، لا فعلهما، حيث ترك واجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. واللَّه تعالى أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا ٢٩/ ٤١٢٩ و٤١٣٠و٤١٣١ - وفي "الكبرى" ٢٩/ ٣٥٩١ و ٣٥٩٢ و ٣٥٩٣ و ٣٥٩٤. وهو ضعيف؛ لأن في سنده شريكًا النخعيّ القاضي، وهو كثير الخطإ، وتغيّر حفظه، وقد خالف في وصله غيره من حفّاظ أصحاب الأعمش، كما سيشير المصنّف إلى ذلك، في قولِهِ: (قَالَ: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ) النسائيّ -رحمه اللَّه تعالى- (هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ) يعني أن رواية هذا الحديث متّصلاً خطأٌ، وإنما الصواب فيه الإرسال؛ وذلك لأن شريكًا، وهو كثير الخطإ، خالف فيه أبا معاوية، وهو أثبت أصحاب الأعمش ما عدا الثوريّ، فقد رواه مرسلاً، وتابعه عليه أيضًا يعلي بن عبيد.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: كان الأولى للمصنّف تأخير هذا الكلام عن الحديث التالي؛ لأنه متعلّق به أيضًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤١٢٩ - (أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ مُسْلِمٍ, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا, يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ, وَلَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ, وَلَا بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ»).