[فإن قلت]؛ كيف يصحّ، وهو مرسلٌ، كما صوّبه المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، والمرسل من قسم الضعيف؟.
[قلت]: إنما صحّ بشواهده، فيشهد لجزئه الأول حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى - عنهما المتقدِّم، وحديث جرير بن عبد اللَّه الآتي، ولجزئه الأخير ما يأتي للمصنّف في "القسامة" من حديث أبي رِمْثة ٤١/ ٤٨٣٥ - رضي اللَّه تعالى عنه -، عن النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "أما إنك لا تجني عليه، ولا يجني عليك". و٤١/ ٤٨٣٦ - من حديث ثعلبة بن زهدم اليربوعيّ - رضي اللَّه تعالى عنه -، عن النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "ألا لا تجني نفس على أخرى".
وما أخرجه ابن ماجه في "سننه" من طريق شَبِيب بن غَرْقدة، عن سليمان بن عمرو ابن الأحوص، عن أبيه، قال: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يقول في حجة الوداع: (ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده". ورجاله رجال الصحيح، غير سليمان بن عمرو، وقد وُثق، وقال عنه في "التقريب": مقبول. فمثله يصلح للاستشهاد.
وأخرج أيضًا من طريق عمران القطّان، عن محمد بن جُحادة، عن زياد بن عِلاقة، عن أسامة بن شريك، - رضي اللَّه تعالى عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا تجني نفس على أخرى". ورجاله رجال الصحيح، غير عمران القطّان، فقد تُكلّم فيه من جهة حفظه، إلا أنه لا بأس به في المتابعة.
والحاصل أن الحديث صحيح بهذه الشواهد. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "هذا الصواب": يعني أن كونه مرسلاً هو الصواب من كونه موصولاً؛ لأن أبا معاوية مُقدّم في الأعمش على غيره؛ لكونه أحفظ، ولا سيّما مثل شريك سيّىء الحفظ، وأبي بكر بن عيّاش، وقد ساء حفظه في آخره، وأيضًا فقد تابعه يعلي بن عبيد، كما في الرواية التالية. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، لوإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤١٣١ - (أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ, عَنْ أَبِي الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوقٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا». مُرْسَلٌ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "يعلى": هو ابن عُبيد بن أميّة الطنافسيّ، أبو يوسف الكوفيّ، ثقة، إلا في حديثه عن الثوريّ، ففيه لينٌ، من كبار [٩] ١٠٥/ ١٤٠.
وقوله: "مرسل" خبر لمحذوف، أي هذا الحديث مرسل، حيث إن مسروقًا تابعيّ،