لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ". ويحتمِل أن يُقال: إنْ صَحَّ هَذَا الخبر، كَانَ منْ خَصَائِصه -صلى الله عليه وسلم-، كما قالُوا فِي تَضْحِيته عمَّن لم يُضَحِّ منْ أُمّته. وعِند عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عَنْ قَتَادَة: "مَنْ لَمْ يَعُقّ عنهُ أَجْزَأته أُضْحِيَّته"، وعِند ابنِ أبِي شيبة، عن مُحَمَّد بن سِيرِين، والحسنِ: "يُجزِىء عن الغُلام الأضْحِيَّة منْ الْعَقِيقَة". انتهى (١).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد اتضح بما ذُكر أن الارجح تقييد العقيقة باليوم السابع، كما هو نصّ الشارع، فلا تشرع قبله، وتفوت بفواته، فإن قضاها بعد ذلك كَانَ حسنًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): فِي اختلاف الحفاظ فِي قوله: "وَيُسَمَّى"، هل هو بالسين، أم بالدال المهملة؟:
قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: قد اختلف فِيها أصحاب قتادة، فقال أكثرُهُم: "يُسَمَّى" بالسِّينِ، وَقَالَ هَمَّام، عن قتادة: "يُدَمَّى" بالدَّالِ. قَالَ أبُو داوُد: خُولِفَ همَّام، وهُو وَهمٌ مِنْهُ، ولا يُؤْخذ بِهِ، قَالَ: "وَيُسَّمَى" أصَحُّ. ثُمَّ ذكرهُ منْ رِواية غير قتادة بِلفظِ: "وَيُسَمَّى"، واستُشكِل ما قالهُ أبُو داوُد بِما فِي بقِيَّة رِواية همَّام عِنده، أنهم سألُوا قتادة عن الدَّم، كيف يُصنعِ بِهِ؟، فقال: إِذَا ذُبِحت العقِيقة، أُخِذتْ مِنها صُوفَة، واسْتُقبلت بِهِ أوْدَاجُها، ثُمَّ تُوضع عَلَى يَافُوخ الصَّبيّ، حَتَّى يَسِيل عَلَى رَأْسه، مِثْل الْخَيط، ثُمَّ يَغْسِل رأسه بعدُ، ويُحْلقُ. فيبعُدُ مع هَذَا الضَّبْط، أن يُقال: إِنَّ همَّامًا وهِم عن قتادة، فِي قوله: "وَيُدَمَّى"، إِلا أن يُقال إِن أصل الحدِيث: "وَيُسَمَّى"، وأنَّ قتادة ذكر الدَّم حاكِيًا عمَّا كَانَ أهل الجَاهِلِيَّة يَصْنعُونهُ، ومِن ثَمَّ قَالَ ابنُ عبد البرّ: لا يُحْتمل هَمَّامٌ فِي هَذَا الَّذِي انفرد بِهِ، فإنْ كَانَ حفِظهُ، فهُو مَنْسُوخ. انتهى. وَقَدْ رجَّح ابن حزمِ رِواية هَمَّام، وَحَمَل بَعْض المُتَأَخِّرِين قوله: "وَيُسَمَّى" عَلَى التَّسمِية عِند الذَّبح، لِما أخرج ابن أبِي شيبة، منْ طرِيق هِشَام، عن قتادة، قَالَ: يُسَمَّى عَلَى العقِيقة، كما يُسَمَّى عَلَى الأضْحِيَّة: "بِسْمِ الله عَقِيقَة فُلان"، ومِن طريق سعِيد، عَنْ قتادة نَحْوه، وزاد: "اللَّهُمَّ مِنْك، وَلَك، عَقِيقَة فُلان، بِسْمِ الله والله أكبر، ثُمَّ ذَبَح". وروى عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عن قتادة: يُسَمَّى يوم يُعَقّ عنهُ، ثُمَّ يُحْلق، وكان يقُول: يُطْلى رأسه بِالدَّمِ.
وَقَدْ وَرَدَ مَا يدُلّ عَلَى النَّسخ فِي عِدَّة أحادِيث، مِنها: ما أخرجهُ ابن حِبَّان، فِي "صَحِيحه" عن عَائِشَة، قالت: "كَانُوا فِي الجَاهِليَّة، إِذَا عَقُّوا عن الصَّبيّ، خَضَّبُوا قُطْنَة بِدَمِ الْعَقِيقَة، فَإِذَا حَلَقُوا رأس الصَّبِيّ، وَضَعُوها عَلَى رَأْسه، فَقَالَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: "اجْعَلُوا