للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتقدم فِي أول الباب أقوال أهل اللغة فيها.

وقوله: "لا فرَع، ولا عَتِيرة": هكذا جَاء بِلفْظِ النَّفْي، والمراد بِهِ النَّهْي، كما جاء بِصِيغةِ النَّهْي فِي رِواية المصنّف التالية: "نَهَى رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-". ووقع فِي رِواية لِأحْمَد: "لا فرع، ولا عَتِيرة فِي الإِسْلام". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١/ ٤٢٢٤ و٤٢٢٥ - وفي "الكبرى" ١/ ٤٥٤٨ و٤٥٤٩. وأخرجه (خ) فِي "العقيقة" ٥٤٧٣ و٥٤٧٤ (م) فِي "الأضاحي" ٣٦٥٢ (د) فِي "الضحايا" ٢٨٣١ (ت) فِي "الأضاحي" ١٥١٢ (ق) فِي "الذبائح" ٣١٦٨ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ٧٠٩٥ و٧٢١٥ و٧٦٩٣ و٩٩٨٣ (الدارمي) فِي "الأضاحي" ١٩٦٤. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي الجمع بين "لا فرَعَ، ولا عَتِيرة"، وبين حديث:، "الفَرَع حقّ":

قَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": قَالَ الشَّافِعِيّ رحمه الله تعالى: الْفَرَع شَيْء كَانَ أهل الجاهِليَّة، يطلُبُون بِهِ البركة فِي أمْوَالهمْ، فكَانَ أحَدهمْ يذبح بِكر ناقته، أو شَاته، فَلا يَغْذُوهُ رجاء الْبَرَكة فِيما يأْتِي بعده، فَسَألُوا النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْهُ؟ فقال: "فرِّعُوا، إنْ شِئتُمْ، أيْ اذْبَحُوا إن شِئتُمْ"، وكانُوا يَسْألُونهُ عَمَّا كانُوا يَصْنعُونهُ فِي الجاهِليَّة، خوْفًا أنْ يُكْره فِي الإسلام، فأعْلَمهُمْ أَنَّهُ لا كَرَاهَة عَليهِمْ فِيهِ، وأمَرَهُمْ استِحبابًا أن يُغذُوهُ، ثُمَّ يُحْمَل عَلَيْهِ فِي سبِيل الله. قَالَ الشَّافِعِيّ: وَقَوْله -صلى الله عليه وسلم-: "الْفَرَع حَقّ": معناهُ: ليْس بِباطِلٍ، وهُو كَلام عربِيّ، خَرَجَ عَلَى جواب السَّائِل. قَالَ: وَقَوْله -صلى الله عليه وسلم-: "لا فَرَع، ولا عَتِيرَة"، أي لا فَرَع وَاجِب، ولا عَتِيرَة واجِبَة، قَالَ: والْحَدِيث الآخر يدُلّ عَلَى هَذَا المَعْنَى، فإِنَّه أبَاحَ لهُ الذَّبْح، واخْتَار لهُ أن يُعطِيه أرْمَلَة، أو يَحْمِل عَلَيْهِ فِي سبِيل الله، قَالَ: وقَوْله -صلى الله عليه وسلم- فِي الْعَتِيرَة: "اذبحُوا لِلَّهِ، فِي أيّ شَهْر كَانَ"، أي اذْبَحُوا إن شِئتُمْ، واجْعلُوا الذَّبح لِلَّهِ فِي أيِّ شَهْر كَانَ، لا أَنَّها فِي رَجَب، دُون غَيْره منْ الشُّهُور. والصَّحِيح عِند أصْحَابنَا، وَهُوَ نَصّ الشَّافِعِيّ: اسْتِحْبَاب الْفَرَع، والْعَتِيرَة، وأَجَابُوا عَنْ حَدِيث: "لا فَرَع، ولا عَتِيرَة" بِثلاثةِ أوْجُه: