للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَهُمْ قِرَبٌ) -بكسر القاف، وفتح الراء-: جمع قربة -بكسر، فسكون- مثل سِدْرَة وسِدَر، قَالَ فِي "القاموس": القِربة بالكسر: الْوَطْبُ منْ اللبن (١)، وَقَدْ تكون للماء، أو هي المَخروزة منْ جانب واحد. قَالَ: والوَطبُ: سقاء اللبن، وهو جلد الجَذَع، فما فوقه، جمعه أوطبٌ، ووطاب، واوطاب. انتهى (يَكُونُ فِيهَا اللَّبَنُ وَالْمَاءُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما (الدِّبَاغُ طَهُورٌ) مبتدأ وخبر، و"الدباغ" -بكسر الدال المهملة، و"الطَّهُورٌ" -بفتح الطاء المهملة- المطهّر، يعني دَبغ القرب مطهّر لها.

وفي رواية لمسلم منْ طريق يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير حدثه، قَالَ: رأيت عَلَى ابن وَعْلة السَّبَئيّ فَرْوا، فمَسِسْتُه، فَقَالَ: ما لك تمسه، قد سألت عبد الله بن عباس، قلت: إنا نكون بالمغرب، ومعنا البربر والمجوس، نُؤتَى بالكبش، قد ذبحوه، ونحن لا نأكل ذبائحهم، ويأتونا بالسِّقاء، يجعلون فيه الْوَدَك؟ فَقَالَ ابن عباس: قد سألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟، فَقَالَ: "دباغه طهوره".

(قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ: عَنْ رَأْيِكَ، أَوْ شَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟) أي أتفتي بهذا عن مجرّد أجتهادك؟ أم بما سمعته عنه صلّى الله تعالى عليه وسلم؟، وفيه أن المستفتي له أن يسأل المفتي عن مأخذه، استرشادًا، حَتَّى يكون عَلَى بصيرة منْ أمر دينه، لا تعنّتًا، وعلى العالم أن يبيّن له ذلك، إن كَانَ جليا، كدليل ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا، وأما إذا كَانَ صعبًا، يقصر فهمه عنه، فليس عليه أن يذكره له، صونًا لنفسه عن التعب فيما لا يُفيد، ويعتذر إليه بقصور فهمه عنه، قَالَ فِي "الكوكب الساطع":

وَجَازَ عَن مَأْخَذِهِ إنْ يَسْألِ … مُسْتَرْشِدًا وَلْيُبْدِ إنْ كَانَ جَلِي

(قَالَ) ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما (بَلْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية لمسلم: "فقلت: أرأيٌ تراه؟ فَقَالَ ابن عباس: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، يقول: "دباغه طهوره".

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- هَذَا صحيح، وَقَدْ تقدم تخريجه فِي الحديث الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٢٤٥ - (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ دَعَا بِمَاءٍ، مِنْ عِنْدِ امْرَأَةٍ، قَالَتْ: مَا عِنْدِي إِلاَّ فِي قِرْبَةٍ لِي، مَيْتَةٍ، قَالَ: "أَلَيْسَ قَدْ دَبَغْتِهَا؟ " قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِبَاغَهَا ذَكَاتُهَا").


(١) هكذا فِي "القاموس" بـ"منْ"، ولعله "للبن" باللام، فليُحرّر.