الموحّدة المشددة- وقيل: هو ابن ربيعة بن صخر الْهُذَلي، قَالَ المنذريّ فِي "مختصر السنن": وسلمة ابْن المُحَبِّق لهُ صُحْبَة، وَهُوَ هُذَلِيّ، سَكَن الْبَصْرَة، كُنْيته أبُو سِنان، وَاسْم المُحبق صَخْر، وهُو بِضمِّ المِيم، وَفَتْح الْحَاء المُهْمَلة، وبعدها باء مُوحَّدة، وقاف، وأصْحَاب الْحَدِيث يفْتحُون الْبَاء، ويقُول بعض أهْل اللُّغَة: هِي مَكْسُورة، وإنَّما سَمَّاهُ أبُوهُ المُحَبَّق، تفاؤُلًا بِشَجَاعتِهِ، أنَّهُ يُضْرِط أعْدَاءهُ. انتهى. وَقَدْ تَقَدّمت ترجمته فِي ٧/ ٣٣٦٤. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
منها: أنه منْ سباعيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم ثقات، غير جون. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير شيخه، فسرخسيّ. (ومنها): أن فيه ثلاثة منْ تابعيّ البصرة، يروي بعضهم عن بعض: قتادة، والحسن، وجَوْنٌ. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ) -بِفتحِ الجِيم، وسُكُون الواو، وبعدها نُون- (عَنْ سَلَمَةَ) بفتحات (ابْنِ الْمُحَبِّقِ) بصيغة اسم الفاعل، وقيل: بصيغة اسم المفعول -الصحابيّ رضي الله تعالى عنه (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ دَعَا بِمَاءٍ) أي طلبه (مِنْ عِنْدِ امْرَأَةٍ، قَالَتْ) تلك المرأة التي طلب منها الماء، ولفظ "الكبرى": "فقالت"(مَا عِنْدِي إِلاَّ فِي قِرْبَةٍ لِي، مَيْتَةٍ) صفة لـ"قربة" عَلَى حذف مضاف: أي جلد ميتة، والمعنى أن تلك القربة منْ جلد شاة ميتة (قَالَ) صلّى الله تعالى عليه وسلم، ولفظ "الكبرى": "فَقَالَ" (أَلَيْسَ قَدْ دَبَغْتِهَا؟ "، قَالَتْ) المرأة (بَلَى) قد دبغتها (قَالَ) صلّى الله تعالى عليه وسلم (فَإِنَّ دِبَاغَهَا ذَكَاتُهَا) -بفتح الذال المعجمة-: أي ذبحها، يعني أنّ دباغ جلد الميتة طهارة لها، جعل الدباغ بمنزلة ذبح الحيوان فِي تحليله، وتطهيره.
قَالَ الخَطَّابِيّ فِي "المَعَالِم": هَذَا يدُلّ عَلَى بُطْلان قوْل منْ زَعَمَ، أنَّ إِهاب الميتة، إِذَا مَسَّهُ الماء، بعد الدِّباغ يتجُس، ويُبيِّن أنَّهُ طَاهِر كطهارةِ المُذكَّى، وأنَّهُ إِذَا بُسِطَ، وصُلِّيَ عَلَيْهِ، أو خُرِز مِنْهُ خُفٌّ، فصُلِّي فِيهِ جَازَ. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث سلمة بن المحبّق رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.