قَالَ الحافظ: وهَذَا يَدُلّ عَلَى أنَّ لِرِوايةِ الزُّهْرِيِّ عن سَعِيد أصْلاً، وَكَوْن سُفْيان بن عُيَيْنة لَمْ يحفظهُ عن الزُّهرِيّ، إِلَّا منْ طرِيق مَيْمُونة، لا يَقْتضِي أن لا يكُون لَهُ عِنْده إِسْنَاد آخَر.
وَقَدْ جَاء عَن الزُّهرِيّ فِيهِ إِسْناد ثَالِث، أخْرَجَهُ الدَّارقُطنِيُّ، منْ طرِيق عبد الْجَبَّار بْن عُمر، عن الزُّهرِيّ، عن سَالِم، عن ابْن عُمر بِهِ، وعبد الجَبَّار مُخْتَلَف فِيهِ.
قَالَ البَيْهقِىّ: وَجَاء مِن رِواية ابْن جُرَيْج، عن الزُّهرِيّ كَذلِك، لكِنْ السَّنَد إِلَى ابْن جُرَيْجٍ ضَعِيف، والمَحْفُوط أَنَّهُ منْ قوْل ابْن عُمَر. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها هَذَا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٠/ ٤٢٦٠ و٤٢٦١ و٤٢٦٢ - وفي "الكبرى" ١١/ ٤٥٨٤ و٤٥٨٥ و٤٥٨٦. وأخرجه (خ) فِي "الوضوء" ٢٣٥ و٢٣٦ و"الذبائح والصيد" ٥٥٣٨ و٥٥٣٩ و٥٥٤٠ (د) فِي "الأطعمة" ٣٨٤١ و٣٨٤٢ (ت) فِي "الأطعمة" ١٧٩٨ (أحمد) فِي "باقي مسند الأنصار" ٢٦٢٥٦ و٢٦٢٦٣ و٢٦٣٠٧ (الموطأ) فِي "الجامع" ١٨١٥ (الدارمى) فِي "الطهارة" ٧٣٨ و"الأطعمة" ٢٠٨٣. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم السمن ونحوه، إذا وقعت فيه الفأرة، أن يُلقى ما حولها، وينتفع بالباقي.
(ومنها): أنه استُدِلَّ بهِذا الْحَدِيث لإِحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عن أَحْمَد رحمه الله تعالى، أَنَّ الْمَائِع إِذَا حَلَّت فِيهِ النَّجَاسَة، لا ينجس إِلَّا بِالتَّغَيُّر، وهُو اخْتِيار الْبُخَارِيّ، وقوْل ابن نَافِع مِن المالِكِيَّة، وحُكِيَ عَن مَالِك، وَقَدْ أخْرج أحْمَد، عن إِسماعِيل ابن عُليَّة، عَن عُمَارة بن أبِي حَفْصَة، عَن عِكْرِمة: "أَنَّ ابْن عبَّاس، سُئِل عَن فَأرَة مَاتَتْ فِي سَمْن؟ قَالَ: تُؤْخَذ الْفَارة وَمَا حَوْلها، فقُلت: إِنَّ أَثَرهَا كَانَ فِي السَّمْن كُلّه، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ وَهِيَ حَيَّة، وإِنَّمَا مَاتَتْ حَيْثُ وُجِدَتْ"، وَرِجَاله رِجَال الصَّحِيح، وَأَخْرجَهُ أَحْمَد مِنْ وَجْه آخر، وَقَالَ فِيهِ عن جَرّ، فِيهِ زَيْت، وَقَعَ فِيهِ جُرَذٌ … "، وفِيهِ: "أَلَيْسَ جَالَ فِي الْجَرّ كُلّه؟، قَالَ: إِنَّمَا جَالَ وفِيهِ الرُّوح، ثُمَّ استقرَّ حَيْثُ مَاتَ".
وَفَرَّقَ الجُمْهُور بين المَائِع والجَامِد، عَمَلًا بِالتَّفْصِيلِ الْمُقدُّم ذِكْره، وَقَدْ تَمَسَّك ابْن