للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون حجة إلا بعد تصحيح النقل عن جميعهم، ولا سبيل إلى ذلك، لأن القائلين بطهورية المستعمل منهم، كالحسن البصري، والزهري، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة، في إحدى الروايات عن الثلاثة المتأخرين، ونسبه ابن حزم إلى عطاء، وسفيان الثوري، وأبي ثور، وجميع أهل الظاهر، وبأن المتساقط قد فني؛ لأنهم لم يكونوا يتوضئون إلى إناء، والملتصق بالأعضاء حقير لا يكفي بعض عضو من أعضاء الوضوء، وبأن سبب الترك بعد تسليم صحته عن السلف، وإمكان الانتفاع بالبقية هو الاستقذار.

وبهذا يتضح عدم خروج المستعمل عن الطهورية، وتحتم البقاء على البراءة الأصلية، لا سيما بعد اعتضادها بكليات وجزئيات من الأدلة، كحديث "خلق الماء طهورا" وحديث "مسحه - صلى الله عليه وسلم - رأسه بفضل ماء كان بيده". وغيرهما. اهـ كلام الشوكاني في نيله ج ١ ص ٤٥/ ٤٦.

قال الجامع عفا الله عنه:

وهذا الذي قاله الشوكاني هو التحقيق الذي لا يحتاج إلى التعليق عليه.

ولقد تكلم على هذه المسألة العلامة المجتهد أبو محمَّد ابن حزم في كتابه البديع "المحلى" فأفاد، وأجاد، وأسهب، وأعاد، ولولا بشاعة عباراته التي يرمي بها خصومه في رد أقوالهم، وتفنيد آرائهم من دون أن يفرق بين فلان، وفلان، وذلك غَيرَةً على النصوص، حسبما رآه هو، وإن كانوا كلهم يريدون الخير، وخدمةَ النصوص بقدر المستطاع، ولا يألون جهدا، فربما أصابوا، وربما أخطأوا، والكل مأجورون، لنقلت عبارته برمتها. فارجع إليه ج ١ ص ١٨٣ - ١٩١.

فالحاصل أن المذهب الراجح: هو مذهب من يقول: بطهورية الماء المستعمل، وطهارته لوضوح أدلته، والله أعلم.