للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسلم، وعبد الله هو ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، يعني أنه قَالَ: إن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يزيد فِي هَذَا الحديث: "أو كلب حرث"، والمراد به الكلب الذي يحرُس الزرع، فهو بمعنى قوله فِي الرواية السابقة: "أو زرع".

وهذه الرواية تدلّ عَلَى أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقبل زيادة أبي هريرة رضي الله تعالى عنه المذكورة، وفي رواية مسلم منْ طريق عمرو بن دينار، عن ابن عمر: أن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، إلا كلب صيد، أو كلب غنم، فقيل لابن عمر: إن أبا هريرة يقول: "أو كلب زرع"، فَقَالَ ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعًا، فقيل: أراد ابن عمر بهذا الكلام الإنكار عَلَى أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهذا القول غير صحيح، بل الصواب أنه أراد بذلك تثبيته، وقبول زيادته.

قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي شرح هَذَا الكلام: ما نصّه: قَالَ العلماء: ليس هَذَا توهينًا لرواية أبي هريرة، ولا شكًا فيها، بل معناه أنه لَمّا كَانَ صاحب زرع، وحرث، اعتنى بذلك، وحَفِظَه، وأتقنه، والعادة أن المبتلى بشيء يُتقنه ما لا يتقنه غيره، ويتعرّف منْ أحكامه ما لا يعرفه غيره. وَقَدْ ذكر مسلم هذه الزيادة، وهي اتخاذه للزرع منْ رواية ابن المغفّل (١)، ومن رواية سُفيان بن أبي زُهير (٢)، عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وذكرها أيضًا مسلم منْ رواية أبي الحكم، واسمه عبد الرحمن بن أبي نُعْم البجليّ، عن ابن عمر، فيحتمل أن ابن عمر لَمّا سمعها منْ أبي هريرة، وتحقّقها عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، رواها عنه بعد ذلك، وزادها فِي حديثه الذي كَانَ يرويه بدونها.

ويحتمل أنه تذكّر فِي وقت أنه سمعها منْ النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، فرواها، ونسيها فِي وقت، فتركها.

والحاصل أن أبا هريرة ليس منفردًا بهذه الزيادة، بل وافقه جماعة منْ الصحابة فِي روايتها، عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، ولو انفرد بها لكانت مقبولة، مرضيّةً، مكرّمةً. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله النوويّ رحمه الله تعالى فِي تثبيت ابن عمر لزيادة أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.

والحاصل أن منْ قَالَ: إن مراد ابن عمر بقوله: "إن لأبي هريرة زرعًا" الإنكار عليه فِي هذه الزيادة، فقد أخطأ الطريق، وحاد عن الصواب، فالحقّ أن مراده تثبيته،


(١) هي الرواية السابقة للمصنّف قبل حديثين.
(٢) هي الرواية السابقة عند المصنّف قبل باب.