للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تأكله"، ولأن الوقوع فِي الماء، والتردّي إنما حرّم خشية أن يكون قاتلا، أو مُعينًا عَلَى القتل، وهذا منتف فيما ذكرنها. انتهى كلام ابن قُدامة بتصرّف (١).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: تلخّص مما ذُكر أن الأرجح هو ما ذهب إليه الأولون منْ أن الوقوع فِي الماء يحرّم الصيد مطلقاً، سواء كانت جراحته مثخنة، أو لا؛ لإطلاق حديث عديّ بن حاتم رضي الله تعالى عنه المذكور فِي الباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٣٠١ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الصَّيْدِ؟ فَقَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ سَهْمَكَ وَكَلْبَكَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَقَتَلَ سَهْمُكَ فَكُلْ قَالَ: فَإِنْ بَاتَ عَنِّي لَيْلَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: "إِنْ وَجَدْتَ سَهْمَكَ، وَلَمْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرَ شَيْءٍ غَيْرَهُ، فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد رجال الصحيح، غير "عمرو بن يحيى بن الحارث" الحِمْصِيّ، فإنه منْ أفراد المصنّف، وهو ثقة [١٢] ٦٧/ ٢٣٢٩.

و"أحمد بن أبي شُعيب": هو أحمد بن عبد الله بن أبي شُعيب مسلم الحرّانيّ، نُسب لجدّه، ثقة [١٠] ٢٩/ ٢٤٩٩. و"موسى بن أعين": هو الجزريّ، مولى قريش، أبو سعيد، ثقة عابدٌ [٨] ١١/ ٤١٥. و"معمر": هو ابن راشد.

وقوله: "فإن بات عنّي ليلة الخ " يعني أنه غاب الصيد عنه بعدما أصابه بسهمه، فبات غائبًا عنه ليلة. وقوله: "غيره" يحتمل أن يكون بالجرّ صفة لـ"شيء"، ويحتمل أن يكون النصب عَلَى أنه صفة لـ"أثر".

وفي الرواية الآتية فِي الباب التالي: "فيغيب عنه الليلة، والليلتين".

وقَوْله: "وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاء، فَلَا تَأْكُل"، يُؤْخَذ سَبَب مَنْع أَكْله مِنْ الحديث الَّذِي قَبْله؛ لأنَّهُ حِينَئِذٍ يَقَع التَّرَدُّد، هَلْ قَتَلَهُ السَّهْم، أَو الْغَرَق فِي الْمَاء؟ فَلَوْ تحقَّقَ أَنَّ السَّهْم أَصَابَهُ، فَمَاتَ، فَلَمْ يَقَع فِي الْمَاء، إِلَّا بَعْد أَنْ قَتَلَهُ السَّهْم، فَهَذَا يَحِلّ أَكْله، قَال النَّوَوِيّ فِي "شَرْح مُسْلِم": إِذَا وُجِدَ الصَّيدُ فِي الْمَاء غَرِيقًا، حَرُمَ بِالاتِّفَاقِ. انتهى. وَقَد صَرَّحَ الرَّافِعِيّ بأنَّ مَحِلّه، مَا لَمْ يَنْتَهِ الصَّيْد بِتِلْكَ الْجِرَاحَة، إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح، فَإِنْ انْتَهَى إِلَيْهَا، بِقَطْعِ الحُلْقُوم مَثَلًا، فَقَدْ تَمَّتْ ذكَاته، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي الحديث الذي قبله: "فَإِنَّك


(١) "المغني" ١٣/ ٢٧٨.