فوجدته بعد يوم، أو يومين، ليس به إلا أثر سهمك فكل، وإن وقع فِي الماء، فلا تأكل". رواه البخاريّ، وَقَالَ صلّى الله تعالى عليه وسلم: "وإن وجدته غريقًا فِي الماء، فلا تأكل". ولأنه إذا وَجَدَ به أثرًا يصلح أن يكون قد قتله، فقد تحقّق المعارض، فلم يُبَح، كما لو وَجَدَ معه كلبًا سواه. فأما إذا كَانَ الأثر مما لا يقتل مثله، مثلُ أكل حيوان ضعيف، كالسّنّور، والثعلب، منْ حيوان قويّ، فهو مباحٌ؛ لأنه يُعلم أن هَذَا لم يقتله، فأشبه ما لو تهشّم منْ وقعته. انتهى كلام ابن قدامة بتصرّف (١).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين ما سبق أن الأرجح هو المذهب الأول، وهو أنه إذا رمى الصيد بسهمه، أو أرسل كلبه عليه، فغاب ذلك الصيد بعد ذلك، ثم وجده ميتاً، جاز أكله، بالشرطين المذكورين، وهما: أن يجد فيه سهمه، أو أثره، وَقَدْ تحقق أنه أثر سهمه. وأن لا يجد به أثرًا غير أثر سهمه، مما يَحتمِل أن يقتله، فإذا توفّر فيه هذان الشرطان، جاز أكله؛ للأحاديث الصحيحة المذكورة فِي هَذَا الباب، والتي أشرنا إليها آنفًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "إسماعيل بن مسعود": هو الْجَحْدَريّ، أبو مسعود البصريّ، ثقة [١٠] ٤٢/ ٤٧ منْ أفراد المصنّف. والباقون كلهم رجال الصحيح، و"خالد": هو ابن الحارث الْهُجَيميّ.
والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق تمام البحث فيه غير مرّة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.