للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المِعْراض: عَصًا فِي طَرَفهَا حَدِيدَة، يرمي الصَّائِد بَهِا الصَّيْد، فَمَا أَصَابَ بِحَدِّهِ، فَهُوَ ذَكِيّ فَيُؤْكَل، وَمَا أَصَابَ بغَيرِ حَدّه فَهُوَ وَقِيذ. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٣٠٧ - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ، فَتُمْسِكُ (٢) عَلَيَّ، فَآكُلُ مِنْهُ؟ قَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ الْكِلَابَ -يَعْنِي الْمُعَلَّمَةَ- وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَأَمْسَكْنَ عَلَيْكَ فَكُلْ"، قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَتَلْنَ، مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا"، قُلْتُ: وَإِنِّى أَرْمِي (٣) الصَّيْدَ بِالْمِعْرَاضِ، فَأُصِيبُ، فَآكُلُ؟ قَالَ: "إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ، وَسَمَّيْتَ فَخَزَقَ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ، فَلَا تَأْكُلْ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "محمد بن قُدامة": هو الهاشميّ مولاهم المِصّيصيّ، ثقة [١٠]. و"جرير": هو ابن عبد الحميد. و"منصور": هو ابن المعتمر. و"إبراهيم": هو ابن يزيد النخعيّ. و"همّامٌ": هو الحارث النخعيّ الكوفيّ الثقة العابد، وكلهم منْ رجال الصحيح، غير شيخه، فقد تفرد به هو وأبو داود.

وقوله: "فآكل منه" هو عَلَى تقدير أداة الاستفهام، أي أفآكل منه؟.

وقوله: "فخزق" هُوَ بِفَتْح المُعْجَمَة وَالزَّاي، بَعْدهَا قَاف: أَيْ نَفَذَ، يُقَال: سَهْم خَازِق: أَيْ نَافِذ، وَيُقَال: بِالسِّينِ الْمُهْمَلة، بَدَل الزَّاي. وَقِيلَ: الخَزْق -بِالزَّايِ. وَقِيلَ: تُبْدَل سِينًا: الْخَدْش، وَلَا يَثبُت فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ بِالرَّاءِ، فَهُوَ أَنْ يَثْقُبهُ. وَحَاصِله أنَّ السَّهْم، وَمَا فِي مَعْنَاهُ، إِذَا أَصَابَ الصَّيد بحَدِّهِ حَلَّ، وَكَانَتْ تِلْكَ ذَكَاته، وَإِذَا أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ لَمْ يَحِلّ؛ لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الخَشَبَة الثَّقِيَلةَ، وَالْحَجَر، وَنَحْو ذَلِكَ منْ المُثَقَّل.

وقوله: "إذا أصاب بعَرْضه، فلا تأكل": -بِفَتحِ الْعَيْن: أَي بِغَيْرِ طَرَفه الْمُحَدَّد.

والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ استوفيت شرحه، وبيان مسائله فِي: / ٤٢٦٥، وبقي الكلام عَلَى ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، فأتكلّم فيه هنا، فأقول:

[مسألة]: فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم صيد الْمِعْرَاض:

ذهب الجمهور إلى هَذَا التفصيل الذي ذكر فِي حديث الباب، منْ أن المعراض إذا أصاب بحدّه حلّ الصيد، وإذا أصاب بعرضه لم يحلّ، وهو قول عليّ، وسلمان، وعمّار، وابن عبّاس رضي الله تعالى عنهم، وبه قَالَ النخعيّ، والحكم، ومالكٌ، والثوريّ، والشافعيّ، وأبو حنيفة، وإسحاق، وأبو ثور.


(١) "فتح" ١١/ ٢١.
(٢) وفي نسخة: "فيُمسكن".
(٣) وفي نسخة: "نرمي" والأول أوضح.