للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالنَّاسِ، فَصَارَت طِبَاعُهُمْ، كَطِبَاع الْوُحُوشِ، وَأَصْلُ التَّرْكِيب لِلنُّبُوِّ عَن الشَّيْءِ. ذكره المباركفوريّ رحمه الله تعالى.

(وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ) أَي لَازَمَ اتِّبَاعَ الصَّيْدِ، وَالِاشْتِغَالَ بِهِ، وَرَكِبَ عَلَى تَتَبُّع الصَّيْدِ، كَالحَمَام وَنَحْوِهِ؛ لَهْوًا، وَطَرَبًا (غَفَلَ) بفتح الفاء، منْ باب نصر، هو المشهور فِي كتب اللغة، وضبطه السيوطيّ فِي "شرحه" بضم الفاء، ولم أره لغيره، وفي "المصباح": الغفلة غيبةُ الشيء عن بال الإنسان، وعدمُ تذكّره له، وَقَدْ استُعملَ فيمن تركه إهمالًا، وإعراضًا، كما قوله تعالى: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: ١] يقال منه: غَفَلتُ عن الشيء غُفُولاً، منْ باب قعد، وله ثلاثة مصادر: غُفُولٌ، وهو أعمّها، وغَفْلَةٌ، وزانُ تَمْرَة، وغَفَلٌ، وزانُ سبب، قَالَ الشاعر [منْ الكامل]:

إِذْ نَحْنُ فِي غَفَلٍ وَأَكْثَرُ هَمِّنَا … صَرْفُ النَّوَى وَفِرَاقُنَا الْجِيرَانَا

انتهت عبارة "المصباح" (١).

وَقَالَ المرتضى فِي "شرح القاموس" عند قوله: "غَفَل غُفُولاً": ما نصه: قَالَ شيخنا: صريحه أنه ككتب، وحكَى بعضهم فيه غَفِلَ، كفرِحَ، ثم رأيت فِي بعض المصنّفَات: [منْ الطويل]:

غَفَلْتُ بِفَتْحِ الْفَاءِ ثُمَّ بِكَسْرِهَا … وَضَمٌّ وَفَتْحُ الفَاءِ جَا لِمُضَارعِ

وَلَكِنَّهُ بِالضَّمِّ جَاءَ مُصَحَّحَا … وَفِي قِلَّة بِالْفَتْحِ ضَبْطًا لِسَامِعِ

ثم قَالَ: وهذا الذي أشار إلى قلّته لا أعرِفه، ولم أقف عليه فِي شيء منْ المصنّفات اللغويّة، عَلَى كثرة الاستقراء، فانظر صحّة ذلك. انتهى (٢).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الحاصل أن ما تقدّم للسيوطيّ منْ ضبط غفل ماضياً بضمّ الفاء لم يذكره أهل اللغة، فلعله سرى له ضم المضارع إلى الماضي. فليُتنبّه.

والمعنى هنا: أَنه استولى عليه حبّ الصيد، حَتَّى يصير غافلاً، عَنِ الطَّاعَةِ، وَالعِبَادَةِ، وَلُزُوم الجَمَاعَةِ، وَالْجُمْعَةِ، وَبَعِيدًا عَن الرِّقَّةِ، وَالرَّحْمَةِ، لشغل قلبه به، واستيلائه عليه، فصار شبيهًا بِالسَّبْعِ، وَالْبَهِيمَةِ. والله تعالى أعلم.

(وَمَنِ اتَّبَعَ السُّلْطَانَ) أَيْ منْ غَيْرِ ضَرُورَة، وَحَاجَةٍ لِمَجِيئِهِ (افْتُتِنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ: أَيْ وَقَعَ فِي الْفِتْنَةِ، فَإِنَّهُ إنْ وَافَقَهُ فِيمَا يَأْتِيهِ، وَيَذَرُهُ، فَقَدْ خَاطَرَ عَلَى دِينِهِ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَقَدْ خَاطَرَ عَلَى دُنْيَاهُ.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٩ - ٤٥٠.
(٢) "تاج العروس منْ جواهر القاموس" ٨/ ٤٦ - ٤٧.