للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ هِشَامٍ -وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ) بن أنس بن مالك، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا) رضي الله تعالى عنه (يَقُولُ: "أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا) -بِفَاءٍ مَفْتُوحَة، وَجِيم سَاكِنَة: أَي أَثَرْنَا، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم: "اسْتَنْفَجْنَا": وَهُوَ اسْتِفْعَال مِنْهُ، يُقَال: نَفَجَ الأَرْنَبُ إِذَا ثَارَ وَعَدَا، وَانْتَفَجَ كَذَلِكَ، وَأَنْفَجْتُهُ إِذَا أَثَرْتَهُ منْ مَوْضِعه، وَيُقَال: إِنَّ الانْتِفَاج الاقْشِعْرَار، فَكَأَنَّ الْمَعْنَى: جَعَلْنَاهَا بطَلَبِنَا لَهَا تَنْتَفِج، وَالانْتِفَاج أَيْضًا: ارْتِفَاع الشَّعْر، وَانْتِفَاشه. وَوَقَعَ فِي "شَرْح مُسْلم" لِلْمَازَرِيّ: "بَعَجْنَا" -بِمُوَحَّدَة، وَعَيْن مَفْتُوحَة- وَفَسَّرَهُ بِالشَّقِّ، مِنْ بَعَجَ بَطْنه: إِذَا شَقَّهُ. وَتَعَقَّبَهُ عِيَاض بِأَنَّهُ تَصْحِيف، وَبِأَنَّهُ لا يَصِحّ مَعْنَاهُ مِنْ سِيَاق الْخَبَر؛ لأَنَّ فِيهِ أَنَّهمْ سَعَوْا فِي طَلَبِهَا بَعد ذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ شَقُّوا بَطْنهَا، كَيف كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى السَّعْي خَلْفهَا. قاله فِي "الفتح".

(بِمَرِّ الظَّهْرَانِ) "مَرّ" -بِفَتحِ الْمِيم، وَتَشْدِيد الرَّاء- و"الظَّهْرَانِ" -بِفَتْح الْمُعْجَمَة- بِلَفْظِ تَثْنِيَة الظَّهْر: اسْم مَوْضِع عَلَى مَرْحَلَة منْ مَكَّة. وَقَدْ يُسَمَّى بِإِحْدَى الْكَلِمَتَينِ، تَخْفِيفًا، وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي تُسَمِّيه عَوَامّ الْمِصْريِّينَ بَطْنَ مَرْوٍ، وَالصَّوَاب مَرّ، بتَشْدِيدِ الرَّاء. قاله فِي "الفتح" (١).

وَقَالَ فِي موضع آخر: وَمَرّ الظَّهْرَانِ وَادٍ مَعْرُوف، عَلَى خَمْسَة أَمْيَال منْ مَكَّة، إِلَى جِهَة الْمَدِينَة. وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيّ، أَنَّهُ منْ مَكَّة عَلَى خَمْسَة أَمْيَال. وَزَعَمَ ابْن وَضَّاح أَنَّ بَيْنهمَا أَحَدًا وَعِشْرِينَ مِيلا. وَقِيلَ: سِتَّة عَشَر، وَبِهِ جَزَمَ الْبَكْرِيّ. قَالَ النَّوَوِيّ: وَالأَوَّل غَلَط، وَإِنْكَار للْمَحْسُوسِ. و"مَرّ": قَرْيَة ذَات نَخْل، وَزَرْع، وَمِيَاهُ، و"الظَّهْرَانِ": اسْم الْوَادِي، وَتَقُول الْعَامَّة: بَطْن مَرْوٍ.

وَقَوْل البَكْرِيّ هُوَ المُعْتَمَدُ، وَالله أَعْلَم. انتهى (٢).

زاد فِي رواية البخاريّ: "فَسَعَى القَوْم فَلَغِبُوا" -وهو بِمُعْجَمَةٍ، وَمُوَحَّدَة-: أَيْ تَعِبُوا وَزْنه وَمَعْنَاهُ، وَوَقَعَ بِلَفْظِ: "تَعِبُوا" فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ.

(فَأَخَذْتَها) زَادَ فِي رواية البخاريّ فِي "الْهِبَة": "فَأَدْرَكْتهَا، فَأَخَذْتهَا وَلِمُسْلِمٍ: "فَسَعَيْت، حَتَّى أَدْرَكْتهَا، وَلِأَبِي دَاوُدَ، مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ هِشَام بْن زَيْد:

"وَكُنْت غُلَامًا، حَزَوَّرًا" وهُوَ -بِفَتحِ الْمُهْمَلة، وَالزَّاي، وَالْوَاو المُشَدَّدَة، بَعْدهَا رَاء، وَيَجُوز سُكُون الزَّاي، وَتَخْفِيف الْوَاو-: وَهُوَ المُرَاهِق.


(١) "فتح" ١١/ ٩٧. "كتاب الذبائح".
(٢) "فتح" ٥/ ٥١٦ "كتاب الهبة" رقم الحديث ٢٥٧٣.