وقوله:"وكان رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم لا يأكل شيئًا الخ". قَالَ ابن التين: إنما كَانَ يسأل؛ لأن العرب كانت لا تَعاف شيئاً منْ المآكل، لقلّتها عندهم، وكان هو صلّى الله تعالى عليه وسلم قد يَعاف بعضَ الشيء، فلذلك كَانَ يسأل. قَالَ الحافظ: ويحتمل أن يكون سبب السؤال أنه صلّى الله تعالى عليه وسلم ما كَانَ يُكثر الكون فِي البادية، فلم يكن له خبرة بكثير منْ الحيوانات. أو لأن الشرع ورد بتحريم بعض الحيوانات، وإباحة بعضها، وكانوا لا يُحرّمون منها شيئاً، وربّما أتوا به مشويًّا، أو مطبوخًا، فلا يتميز عن غيره إلا بالسؤال عنه. انتهى (١).
وقوله:"فَقَالَ بعض النسوة: ألا تخُبرن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم ما يأكل، فأخبرته الخ" تقدّم أنها ميمونة رضي الله تعالى عنها، ففي رواية مسلم:"فلما أراد النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم أن يأكل، قالت له ميمونة: إنه لحم ضبّ، فكفّ يده".
وقوله:"فاجتررته إليّ" بالجيم: أي جذبته إليّ، وتقدّم أن بعضهم ضبطه بزاي بدل الراء، وهو غلط.
وقوله:"وحدّثه ابن الأصمّ، الخ" الضمير لابن شهاب، يعني أن ابن الأصمّ حدث ابنَ شهاب بهذا الْحَدِيث، راويًا عن ميمونة رضي الله تعالى عنها، فيكون هَذَا عاليًا منْ السند الماضي بدرجة.
و"ابن الأصمّ": هو يزيد بن الأصمّ، واسمه عمرو بن عُبيد بن معاوية البَكّائيّ، أبو عوف الكوفيّ، نَزيل الرَّقة، ابن أخت ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، يقال: له رؤيةٌ، ولا يثبت، وهو ثقة [٣] ٥٠/ ٨٥٠ مات سنة (١٠٣).
وقوله:"وكان فِي حجرها" -بفتح الحاء المهملة، وتكسر، وسكون الجيم-: أي فِي كَنَفها، ورعايتها، قَالَ الفيّوميّ: حجر الإنسان -بالفتح، وَقَدْ يُكسر: حِضْنُه، وهو ما دون إبطه إلى الْكَشْحِ، وهو فِي حجره: أي كنفه، وجمايته، والجمع حُجُور. انتهى.
والحديث متَّفقٌ عليه، وتقدّم شرحه، وبيان مسائله فِي الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.