وكل شيء روى عنه ستون حديثًا، بل أعلم الناس بالزهري مالك، ومعمر، ويونس، والزُّبيدي، وعقيل، وابن عيينة، هؤلاء أهل الحفظ، والإتقان والضبط اهـ.
وأورد ابن عدي كلام الأوزاعي من رواية رجاء بن سهل، عن أبي مسهر، ولفظه: ثنا يزيد بن السمط، قال: ثنا قرة، قال: لم يكن للزهري إلا كتاب فيه نَسَبُ قومه، وكان الأوزاعي يقول: ما أحد أعلم بالزهري من ابن حيوئيل، فيظهر من هذه القصة أن مراد الأوزاعي أنه أعلم بحال الزهري من غيره، لا فيما يرجع إلى ضبط الحديث، وهذا هو اللائق، والله أعلم. انظر تهذيب التهذيب جـ ١ ص ٣٧٣ - ٣٧٤.
والحاصل أن قرة ضعفه الجمهور، ولم يوجد له توثيق صريح، إلا أن ابن عدي قال: لم أر له حديثًا منكرا جدا، وأرجوا أنه لا بأس به.
وذكره ابن حبان في الثقات، مع التعقب المذكور. فتفرده بوصل هذا الحديث، واضطرابه ومخالفته للثقات: يونسَ، وعقيلَ بن خالد، وشعيبَ بن أبي حمزة، وسعيدَ بن عبد العزيز، فكلهم رووه عن الزهري مرسلا، يدل على وَهمه، فروايته منكرة، وقد عرفت بطلان دعوى متابعة الأوزاعي، وغيره له، فيما تقدم. فالصحيح أن الحديث ضعيف جدا، فتصحيح التاج السبكي، وتحسين غيره له مما لا يلتفت إليه، فتفطن، وهذا كله بلفظ "الحمد لله" وأما بلفظ البسملة فواه بمرة، لأن في سنده أحمد بن محمَّد بن عمران وهو متهم، مع المخالفة للثقات، بل حكم بعضهم (١) فيه بالوضع، وإن كان فيه نظر. والله أعلم. "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
(١) وهو العلامة السيد أحمد بن محمَّد بن الصديق الغمارى ت ١٣٨٠ هـ، رحمه الله، فقد ألف رسالة سماها "الاستعاذة، والحسبلة ممن صحح حديث البسملة" وهي مطبوعة، حكم فيها بكون حديث البسملة موضوعا، لكن الحكم بالوضع محل نظر لمن أنصف، والله أعلم.