للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قدموا عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ذكروا له ذلك، فَقَالَ: "ذلك رزقٌ رزقكموه الله عزّ وجلّ، أمعكم منه شيء؟ "، فأتاه بعضهم بعضو، فأكله"، فتبين لهم أنه حلال مطلقا، وبالغ فِي البيان بأكله منها؛ لأنه لم يكن مضطرا. قاله فِي "الفتح" ١٣/ ٤٣.

(ومنها): أن الجيوش لابدّ لها منْ أمير، يضبطها، وينقادون لأمره ونهيه، وأنه ينبغي أن يكون الأمير أفضلهم، أو منْ أفضلهم، وأنه يستحبّ للرفقة منْ النَّاس، وإن قلّوا أن يؤمّروا أحدهم عليهم، ويُطيعوه، وينقادو له، فقد أخرج البيهقيّ فِي "السنن الكبرى" منْ حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، مرفوعًا: "إذا كَانَ ثلاثةً فِي سفر، فليؤمّروا أحدهم"، وهو حديث صحيح. (ومنها): ما كَانَ عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم منْ الزهد فِي الدنيا، والتقلّل منها، والصبر عَلَى الجوع، وخشونة العيش، وإقدامهم عَلَى الغزو مع هَذَا الحال.

(ومنها): مشروعية المواساة بين الجيش، عند وقوع المجاعة. (ومنها): أن الاجتماع عَلَى الطعام، يستدعي البركة فيه. (ومنها): أنه يستحبّ للرفقة منْ المسافرين خلط أزوادهم؛ ليكون أبرك، وأحسن فِي العِشرة، وأن لا يختصّ بعضهم بأكل دون بعض، كما كَانَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يفعله فِي مواطن، وكما كَانَ الأشعريّون يفعلونه، وأثنى عليهم بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما هو فِي ثبت ذلك "الصحيح". (ومنها): أنه لا بأس بسؤال الإنسان منْ مال صاحبه ومتاعه؛ إدلالا عليه، وليس هو منْ السؤال المنهيّ عنه، إنما ذلك فِي حق الأجانب للتمول، ونحوه، وأما هذه فللمؤانسة، والملاطفة، والإدلال. (ومنها): أن فيه جوازَ الاجتهاد فِي الأحكام، فِي زمن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كما يجوز بعده، وذلك لما فِي الرواية الآتية، منْ قول أبي عُبيدة رضي الله تعالى عنه بعد أَنْ نهاهم عن أكله، وَقَالَ: ميتة، لا تأكلوه، قَالَ: جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي سبيل الله عزّ وجلّ، ونحن مضطرّون، كلُوا باسم الله". (ومنها): أنه يستحب للمفتي أن يتعاطى بعض المباحات، التي يشك فيها المستفتي، إذا لم يكن فيه مشقة عَلَى المفتي، وكان فيه طُمأنينة للمستفتي. (ومنها): أن فيه إباحةَ ميتات البحر كلها، سواء فِي ذلك، ما مات بنفسه، أو باصطياد، وسيأتي تمام البحث فيه فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.

(ومنها): أنه يستفاد منْ قوله: "أكلنا منه نصف شهر"، جواز أكل اللحم، ولو أنتن؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قد أكل منه بعد ذلك، واللحم لا يبقى غالبا، بلا نتن فِي هذه المدة، لاسيما فِي الحجاز، مع شدة الحر، لكن يحتمل أن يكونوا ملَّحوه، وقَدَّدُوهُ، فلم يدخله نتن، وَقَدْ تقدم قريبا قول النوويّ أن النهي عن أكل اللحم، إذا أنتن للتنزيه، إلا إن خيف منه الضرر فيحرم، وهذا الجواب عَلَى مذهبه، ولكن المالكية حملوه عَلَى التحريم مطلقا، وهو الظاهر. ويأتي فِي الطافي نظير ما قاله فِي النتن، إذا خُشي منه الضرر. قاله