للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النوويّ رحمه الله تعالى فِي شرح "صحيح مسلم" ١٣/ ٨٦.

وَقَالَ فِي "الفتح" ١٣/ ٤٣ - : ما حاصله: يستفاد منْ الْحَدِيث إباحة ميتة البحر، سواء مات بنفسه، أو مات بالاصطياد، وهو قول الجمهور، وعن الحنفية: يكره، وفرقوا بين ما لَفَظَه، فمات، وبين ما مات فيه، منْ غير آفة، وتمسّكوا بحديث أبي الزبير، عن جابر: "ما ألقاه البحر، أو جزر عنه، فكلوه، وما مات فيه فطفا، فلا تأكلوه"، أخرجه أبو داود، مرفوعًا، منْ رواية يحيى بن سليم الطائفي، عن أبي الزبير، عن جابر، ثم قَالَ: روى الثوري، وأيوب، وغيرهما عن أبي الزبير، هَذَا الْحَدِيث موقوفًا، وَقَدْ أسند منْ وجه ضعيف، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعًا، وَقَالَ الترمذي: سألت البخاريّ عنه؟، فَقَالَ: ليس بمحفوظ، ويُرْوَى عن جابر خلافه. انتهى، ويحيى بن سليم صدوق، وصفوه بسوء الحفظ، وَقَالَ النسائيّ: ليس بالقوي، وَقَالَ يعقوب بن سفيان: إذا حدث منْ كتابه، فحديثه حسن، وإذا حدث حفظا، يُعرَف وينكر. وَقَالَ أبو حازم: لم يكن بالحافظ، وَقَالَ ابن حبّان فِي "الثقات"، كَانَ يخطىء، وَقَدْ توبع عَلَى رفعه. وأخرجه الدارقطني، منْ رواية أبي أحمد الزبيري، عن الثوري، مرفوعًا، لكن قَالَ: خالفه وكيع وغيره، فوقفوه عن الثوري، وهو الصواب، وروي عن ابن أبي ذئب، وإسماعيل بن أمية، مرفوعًا، ولا يصح، والصحيح موقوف، وإذا لم يصح إلا موقوفًا، فقد عارضه قول أبي بكر وغيره، والقياس يقتضي حله؛ لأنه سمك لو مات فِي البر، لأكل بغير تذكية، ولو نضب عنه الماء، أو قتلته سمكة أخرى فمات، لأكل، فكذلك إذا مات، وهو فِي البحر.

وَقَالَ فِي "الفتح" أيضًا: ما حاصله: وفي الْحَدِيث جوازُ أكل حيوان البحر مطلقا؛ لأنه لم يكن عند الصحابة نص يخص العنبر، وَقَدْ أكلوا منه، كذا قَالَ بعضهم، ويخدُش فيه أنهم أوّلا إنما أقدموا عليه بطريق الاضطرار، ويجاب بأنهم أقدموا عليه مطلقا، منْ حيث كونه صيد البحر، ثم توقفوا منْ حيث كونه ميتة، فدل عَلَى إباحة الإقدام عَلَى أكل ما صيد منْ البحر، وبَيّن لهم الشارع آخرا أن ميتته أيضا حلال، ولم يفرق بين طاف ولا غيره.

واحتج بعض المالكية بأنهم أقاموا يأكلون منها أياما، فلو كانوا أكلوا منه عَلَى أنه ميتة، بطريق الاضطرار ما داوموا عليه؛ لأن المضطر، إذا أكل الميتة، يأكل منها بحسب الحاجة، ثم ينتقل لطلب المباح غيرها.

وجمع بعض العلماء بين مختلف الأخبار فِي ذلك، يحمل النهي عَلَى كراهة التنزيه، وما عدا ذلك عَلَى الجواز، ولا خلاف بين العلماء، فِي حل السمك عَلَى اختلاف