للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا منْ المسلمين، اللَّهم منك ولك، عن محمد وأمته، بسم الله والله أكبر"، ثم ذبح، رواه أبو داود، وأخرج الترمذيّ، وابن ماجه، عن أبي أيوب، قَالَ: "كَانَ الرجل فِي عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، يُضَحِّي بالشاة عنه، وعن أهل بيته، فيأكلون، ويُطعمون النَّاس". قَالَ الترمذيّ: حديث حسن صحيح. ذكره ابن قُدامة فِي "المغني" ١٣/ ٣٦٥ - ٣٦٦ (١).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الأولون منْ جواز التضحية بالشاة الواحدة عن أهل بيت الرجل هو الأرجح عندي؛ لقوّة أدلّته، كما سمعتها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): فِي اختلاف أهل العلم فِي أفضل الأضاحي:

قَالَ العلّامة ابن قُدامة رحمه الله تعالى: وأفضل الأضاحي البدنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شرك فِي بقرة، وبهذا قَالَ أبو حنيفة، والشافعي، وَقَالَ مالك: الأفضل الجذع منْ الضأن، ثم البقرة، ثم البدنة؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ضَحَّى بكبشين، ولا يفعل إلا الأفضل، ولو علم الله خيرا منه، لَفَدَى إسحاق به.

قَالَ: ولنا قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي الجمعة: "منْ راح فِي الساعة الأولى، فكأنما قرّب بدنة، ومن راح فِي الساعة الثانية، فكأنما قرّب بقرة، ومن راح فِي الساعة الثالثة، فكأنما قرّب كبشا، ومن راح فِي الساعة الرابعة، فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح فِي الساعة الخامسة، فكأنما قرّب بيضة". متّفقٌ عليه. ولأنه ذبح يُتقرب به إلى الله تعالى، فكانت البدنة منه أفضل، كالهدي، فإنه قد سَلَّمَه، ولأنها أكثر ثمنا ولحما وأنفع. فأما التضحية بالكبش، فلأنه أفضل أجناس الغنم، وكذلك حصول الفداء به أفضل، والشاة أفضل منْ شرك فِي بدنة؛ لأن إراقة الدم مقصودة فِي الأضحية، والمنفرد يتقرب بإراقته كله، والكبش أفضل الغنم؛ لأنه أضحية النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو أطيب لحما. وذكر القاضي أن جَذَع الضأن أفضل، منْ ثني المعز؛ لذلك؛ ولأنه يُروَى عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قَالَ: "نعم الأضحية الجذع منْ الضأن"، أخرجه الترمذيّ، وَقَالَ: حديث غريب.

قَالَ الجامع: هو ضعيف؛ لأن فِي إسناده كدام بن عبد الرحمن، وهو مجهول.

قَالَ: ويحتمل أن الثني أفضل؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عسُر عليكم، فاذبحوا الجذع منْ الضأن"، رواه مسلم، وأبو داود، والنسائيّ، وهذا يدل عَلَى فضل الثني عَلَى الجذع؛ لكونه جعل الثني أصلا، والجذع بدلا، لا يُنتقل إليه، إلا


(١) راجع "المغني لابن قدامة" ١٣/ ٣٦٥ - ٣٦٦.