قوله فِي "باب فضل المدينة" منْ "صحيح مسلم": "منْ أحدث فيها حدثًا، أو آوى محدثّا" الْحَدِيث-: ما حاصله: ولم يُرو هَذَا الحرف إلا "محدثًا" بكسر الدال، ثم قَالَ: وَقَالَ الإِمام المازريّ: رُوي بوجهين، كسرِ الدال، وفتحها، قَالَ: فمن فتح أراد الإحداث نفسه، ومن كسر أراد فاعل الحدث. انتهى.
وَقَالَ فِي "النهاية" -١/ ٣٥١ - :"الحدّث": الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد، ولا معروف فِي السنّة، و"المحدث": يُروى بكسر الدال، وفتحها، عَلَى الفاعل، والمفعول، فمعنى الكسر: منْ نصر جانيًا، أو آواه، وأجاره منْ خصمه، وحال بينه وبين أن يقتصّ منه، والفتح هو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به، والصبر عليه، فإذا رضي بالبدعة، وأقرّ فاعلها، ولم ينكرها عليه، فقد آواه. انتهى.
(وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ") -بفتح الميم-: أي علامات حدودها، وَقَالَ فِي "النهاية" -٥/ ١٢٧ - : المنار جمع منارة: وهي العلامة تُجعل بين الحدّين، ومنار الحرَم: أعلامه التي ضربها الخليل عليه السلام عَلَى أقطاره، ونواحيه، والميم زائدة. انتهى. وَقَالَ القرطبيّ: منار الأرض: هي التُّخُوم (١)، والحدود التي بها تتميّز الأملاك، والمغيّر لها إن أضافها إلى ملكه، فهو غاصبٌ، وإن لم يُضفها إلى ملكه، فهو متعدّ، ظالم، مفسدٌ لملك الغير، وَقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ غصب شبراً منْ الأرض، طُوّقه يوم القيامة منْ سبع أرضين". وَقَدْ حمل أبو عُبيد هَذَا الْحَدِيث عَلَى تغيير حدود الحرم، ولا معنى للتخصيص، بل هو عامٌ فِي كلّ الحدود، والتُّخُوم. والله تعالى أعلم. انتهى. "المفهم" ٥/ ٢٤٥. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٣٤/ ٤٤٢٤ - وفي "الكبرى" ٣٥/ ٤٥١١ وأخرجه (م) فِي "الأضاحي" ٣٦٥٧ و٣٦٥٨ و٣٦٥٩ (أحمد) فِي "مسند العشرة" ٨١٣ و٩٠٨ و١٢٣٨. والله تعالى أعلم.