فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ أَمْرٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَأْكُلَهُ، وَنَدَّخِرَهُ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"عبيد الله بن سعيد": هو أبو قُدامة السرخسيّ. و"يحيى": هو القطّان. و"سعد بن إسحاق": هو ابن كعب بن عُجرة الْبَلَويّ المدنيّ، حليف الأنصار، ثقة [٥] ١/ ١٦٠٠. و"زينب": هي بنت كعب بن عُجرة، زوج أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، مقبولة [٢]، ويقال: لها صحبة، وهي عمة سعد الراوي عنها. وشرح الْحَدِيث تقدّم فيما قبله.
والحديث تفرّد به المصنّف رحمه الله تعالى، وَقَدْ وقع فيه قلبٌ، وذلك أن الصواب كون السائل الذي قدم منْ السفر هو أبا سعيد الخدريّ، والمسئول هو قتادة بن النعمان، كما هو فِي الرواية الأولى، قَالَ الحافظ أبو الحجاج المزّيّ رحمه الله تعالى فِي "تحفة الأشراف" ٣/ ٥٠٢: والمحفوظ أن الذي حدّث فيه بالرخصة قتادة بن النعمان. انتهى. وَقَالَ الحافظ فِي "الفتح" ١١/ ١٤٣ - : وأخرجه النسائيّ، وصححه ابن حبّان منْ طريق زينب بنت كعب، عن أبي سعيد، فقلب المتن، جعل راوي الْحَدِيث أبا سعيد، والممتنع منْ الأكل قتادة بن النعمان، وما فِي "الصحيح" أصحّ. انتهى.
والحاصل أن الْحَدِيث صحيح، منْ مسند قتادة بن النعمان -رضي الله عنه-، كما فِي الرواية الأولى، وهو الذي أخرجه البخاريّ فِي "صحيحه"، لا منْ مسند أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، كما هنا، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.