-صلى الله عليه وسلم-، قَالَ:"ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا، وَخَسِرُوا، قَالَ:"الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ، وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجَال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح.
و"محمد": هو ابن جعفر، غندر. و"عليّ بن مُدرك": هو النخعيّ الكوفيّ الثقة [٤]. و"خَرَشة" -بفتحات- "ابن الحرّ" بضم المهملة، اختُلف، قَالَ أبو داود: له صحبة، وَقَالَ العجليّ: ثقة، منْ كبار التابعين. و"أبو زرعة بن عمرو بن جرير": هو البجليّ الكوفيّ، حفيد جرير بن عبد الله البجليّ الصحابيّ -رضي الله عنه-، قيل: اسمه هَرِم، وقيل: غير ذلك.
وقوله:"ثلاثة لا يكلّمهم الله الخ" الكلام مسوقٌ لإفادة كمال الغضب عليهم، وإلا فلا يغيب أحد عن نظره تعالى، فقوله:"لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم": أي كلامًا يسرّهم، ونظر رحمة ولطف. وقوله:"ولا يزكّيهم": أي لا يطهّرهم عن دنس الذنوب بالمغفرة، أو لا يُثني عليهم بالأعمال الصالحة، ثم كلّ هَذَا مقيّد بأول الأحوال، لا بالدوام، وهو أيضًا بيان ما يستحقّونه، وفضل الله أوسع، فقد قَالَ عز وجل:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.
وقوله:"فقرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-": أي قرأ هذه الجمل المذكورة.
وقوله:"خابوا، وخسروا" يحتمل أن يكون دعاءً عليهم، أو إخبارًا بخيبتهم، وخسارتهم.
وقوله:"المسبل": اسم فاعل، منْ أسبل: أي منْ يطوّل ثوبه، ويرسله إلى الأرض إذا مشى، وهذا اللفظ مطلق، وَقَدْ قُيّد فِي الرويات الأخرى بأن ذلك إذا فعله تكبّرًا، وخيلاء، وأما غيره، وإن كَانَ منهيًا عنه، لكنه ليس داخلاً فِي هَذَا الوعيد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.