ومنه قوله:"فذالكم الرباط" أي أن المواظبة على الطهارة والصلاة كالجهاد في سبيل الله، فيكون الرباط مصدر رابطت، أي لازمت، وقيل: هو ها هنا اسم لما يربط به الشيء أي يشد، يعني أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عن المحارم، اهـ لسان ج ٧ ص ٣٠٢.
وقال السيوطي:"فذلكم الرباط الخ": أي المذكور في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}[آل عمران: ٢٠٠] وحقيقته ربط النفس والجسم مع الطاعات، وحكمة تكراره قيل: الاهتمام به وتعظيم شأنه، وقيل: كرره - صلى الله عليه وسلم - على عادته في تكرار الكلام ليفهم عنه. قال النووي: والأول أظهر. اهـ زهر ج ١ ص ٩٢.
وقال السندي: قيل أراد به المذكور في قوله تعالي: {وَرَابِطُوا}، وحقيقته ربط النفس والجسم مع الطاعات، وقيل: المراد هو الأفضل، والرباط ملازمة ثغر العدو لمنعه، وهذه الأعمال تسد طرق الشيطان عنه، وتمنع النفس عن الشهوات وعداوة النفس والشيطان لا تخفى، فهذا هو الجهاد الأكبر الذي فيه قهر أعدى عدوه، فلذلك قال الرباط بالتعريف والتكرار تعظيما لشأنه. اهـ كلام السندي ج ١ ص ٩٠.
وقال النووي في شرح مسلم نقلا عن القاضي عياض: وقوله "فذالكم الرباط" أي الرباط الرغب فيه، وأصل الرباط: الحبس على الشيء كأنه حبس نفسه على هذه الطاعات، قيل: ويحتمل أنه أفضل الرباط كما قيل: الجهاد جهاد النفس، ويحتمل أنه الرباط المتيسر الممكن أي أنه من أنواع الرباط. اهـ شرح مسلم ج ٣ ص ١٤١ وسيأتي مزيد تحقيق لهذا في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى. وبالله التوفيق، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث
المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه مسلم.