للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه عائشة رضي الله تعالى عنها منْ المكثرين السبعة. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ عَائِشَةَ) رضي الله تعالى عنها، أنها (قالت: "قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ الْخَرَاجَ) بفح الخاء المعجمة: قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: الخراج: الدَّخل، والمنفعة، ومن هَذَا قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} الآية [المؤمنون: ٧٢]. ويقال للعبد إذا كَانَ لسيّده عليه ضريبة: مُخارج. ومعنى قوله: "الخراج بالضمان": المبيع إذا كَانَ له دخلٌ، وغَلّة، فإن مالك الرقبة الذي هو ضامن الأصل يملك الخراج بضمان الأصل، فإذا ابتاع الرجل أرضًا، فشغلها، أو ماشيةً، فَنَتَجَها، أو دابّةٌ، فركبها، أو عبدًا، فاستخدمه، ثم وجد به عيبًا، فله أن يردّ الرقبة، ولا شيء عليه فيما انتفع به؛ لأنها لو تلفت ما بين مدّة العقد والفسخ، لكانت منْ ضمان المشتري، فوجب أن يكون الخراج منْ حقّه. انتهى. "معالم السنن" ٥/ ١٥٨.

وَقَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: أريد بالخراج ما يخرج، ويحصل منْ غَلّة العين المشتراة، عبدًا كَانَ، أو أمة، أو غيرهما، وذلك بأن يشتريه، فيستغلّه زمانًا، ثم يعثُر منه عَلَى عيب كَانَ فيه عند البائع، فله ردّ العين المبيعة، وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغلّه؛ لأن المبيع لو تلِف فِي يده، لكان فِي ضمانه، ولم يكن له عَلَى البائع شيء.

والباء فِي قوله (بِالضَّمَانِ) متعلّقة بمحذوف، تقديره: الخراج مستحقّ بالضمان، أي بسببه، أي ضمان الأصل سبب لملك خراجه. وقيل: الباء للمقابلة، وفيه مضاف محذوف: تقديره: بقاء الخراج فِي مقابلة الضمان: أي منافع المبيع بعد القبض تبقى للمشتري فِي مقابلة الضمان اللازم عليه بتلف المبيع، ومن هَذَا القبيل: الْغُنْمُ بالْغُرْمِ. انتهى كلام السنديّ.

وَقَالَ الفيّوميّ: معنى الْغُنْمُ بالْغُرْم: أي مقابل به، فكما أن المالك يختصّ بالغُنْم، ولا يُشاركه فيه أحد، فكذلك يتحمّل الْغُرْم، ولا يتحمّل معه أحد، وهذا معنى قولهم: الْغُرم مجبورٌ بالغُنْمِ. انتهى.

[تنبيه]: فِي هَذَا الْحَدِيث قصّة، ساقها أبو داود فِي "سننه"، فَقَالَ:

٣٥٠٩ - حدثنا محمود بن خالد، عن سفيان -هو الثوريّ- عن محمّد بن عبد الرحمن، عن مَخْلَد بن خُفَاف الغفاري، قَالَ: كَانَ بيني وبين أناس، شَرِكَة فِي عبد، فاقتويته، وبعضنا غائب، فأغَلّ عليّ غلة، فخاصمني فِي نصيبه، إلى بعض القضاة، فأمرني أن أردّ الغلة، فأتيت عروة بن الزبير، فحدثته، فأتاه عروة، فحدثه عن عائشة،