للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التعليل، منْ قوله: "دعوا النَّاس، يرزق الله بعضهم منْ بعض. وأما اشتراط أن يظهر لذلك المتاع المجلوب سعة فِي البلد، فكذلك أيضًا، أي أنه متوسّطٌ فِي الظهور؛ لما ذكرناه، منْ احتمال أن يكون المقصود مجرّد تقريب الربح، والرزق عَلَى أهل البلد، وهذه الشروط [منها]: ما يقوم الدليل الشرعيّ عليه، كشرطنا العلم بالنهي، ولا إشكال فيها. [ومنها]: ما يؤخذ باستنباط المعنى، فيخرّج عَلَى قاعدة أصوليّة، وهي أن النصّ إذا استُنبط منه معنى يعود عليه بالتخصيص، هل يصحّ، أم لا. انتهى.

وَقَالَ الحافظ العراقيّ فِي "شرح الترمذيّ": جواز الإشارة عليه هو الصواب؛ لأنه إنما نُهي عن البيع له، وليس فيه بيع له، وَقَدْ أُمر بنصحه فِي بعض طرق هَذَا الْحَدِيث، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا استنصح أحدكم أخاه، فلينصح له". انتهى. وبه قَالَ ابن حزم. ذكره فِي "طرح التثريب" ٦/ ٧٣ - ٧٥.

وَقَالَ فِي "المغني" ٦/ ٣١١ - : وأما إن أشار الحاضر عَلَى البادي، منْ غير أن يباشر البيع له، فقد رخص فيه طلحة بن عبيد الله، والأوزاعي، وابن المنذر، وكرهه مالك، والليث، وقول الصحابيّ حجة ما لم يثبت خلافه. انتهى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول بجواز الإشارة عليه، إذا استشاره هو الأرجح؛ لعدم تناول النصّ له، مع أن النصيحة له واجبة عليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): فِي اختلاف أهل العلم فِي بطلان بيع الحاضر للبادي، إذا وُجدت الشروط المذكورة:

قَالَ ابن قدامة رحمه الله تعالى: وإن اجتمعت هذه الشروط، فالبيع حرام، وَقَدْ صرح الخرقي ببطلانه، ونص عليه أحمد فِي رواية إسماعيل بن سعيد، قَالَ: سألت أحمد عن الرجل الحضري، ببيع للبدوي؟، فَقَالَ: أكره ذلك، وأَرُدُّ البيع فِي ذلك، وعن أحمد رواية أخرى أن البيع صحيح، وهو مذهب الشافعيّ؛ لكون النهي لمعنى فِي غير المنهي عنه، ولنا إنه منهي عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه. انتهى كلام ابن قدامة.

وَقَالَ الحافظ وليّ الدين رحمه الله تعالى: لو خالف الحاضر، وباع للبادي، حيث منعناه منه، كَانَ البيع صحيحًا، عند الشافعيّ، وطائفة؛ لجمعه الأركان، والشرائط، والخلل فِي غيره، واختلف المالكيّة فِي ذلك، فَقَالَ بعضهم بالصحّة، وبعضهم بالبطلان، ما لم يفت، والقولان عن ابن القاسم، وممن قَالَ بالبطلان ابن حبيب، وابن حزم الظاهريّ. وَقَالَ سحنون: وَقَالَ لي غير ابن القاسم: إنه يردّ البيع. وعن أحمد فِي