للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لهم، والبيع منهم، ويُفهم منه اشتراط قصد ذلك بالتلقّي، فلو تلقّى الركبان أحد للسلام عليهم، أو الفرجة، أو خرج لحاجة له، فوجدهم، فبايعهم، هل يتناوله النهي؟ فيه احتمال، فمن نظر إلى المعنى لم يفترق عنده الحكم بذلك، وهو الأصحّ عند الشافعية، وشرط بعض الشافعيّة فِي النهي أن يبتديء المتلقّي، فيطلب منْ الجالب البيع، فلو ابتدأ الجالب بطلب البيع، فاشترى منه المتلقّي لم يدخل فِي النهي. وذكر إمام الحرمين فِي صورة التلقّي المحرّم أن يكذب فِي سعر البلد، ويشتري منهم بأقلّ منْ ثمن المثل. وذكر المتولّي فيها أن يُخبرهم بكثرة المؤنة عليهم فِي الدخول. وذكر أبو إسحاق الشيرازيّ أن يخبرهم بكساد ما معهم ليغبنهم. وَقَدْ يؤخذ منْ هذه التقييدات إثبات الخيار لمن وقعت له، ولو لم يكن هناك تلقّ، لكن صرح الشافعيّة أن كون إخباره كذبًا ليس شرطًا لثبوت الخيار، وإنما يثبت له الخيار إذا ظهر الغبن، فهو المعتبر وجودًا وعدمًا. قاله فِي "الفتح" ٥/ ١١٤ - ١١٥.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن هذه القيود التي ذكروها مما لا دليل عليه، فالذي يظهر أن إطلاق نصّ تحريم التلقّي عَلَى إطلاقه، حَتَّى يظهر نصّ يقيده بهذه القيود، أو غيرها. والله تعالى أعلم.

(وَلَا يَبِعْ) بالجزم لأن "لا" ناهية، وفي بعض النسخ: "ولا يبيع"، فعلى هَذَا فـ"لا" نافية، والفعل مرفوع (بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ) سيأتي البحث عنه مستوفًى بعد بابين، إن شاء الله تعالى (وَلَا تَنَاجَشُوا) جيء بلفظ التفاعل؛ لأن التجّار يتعارضون، فيفعل هَذَا بصاحبه عَلَى أن يكافئه بمثل ما فعل، فنُهوا عن أن يفعلوا معارضة، فضلًا عن أن يفعلوا بدءًا، وسيأتي البحث فيه بعد ثلاثة أبواب، إن شاء الله تعالى (وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ) تقدم شرحه مستوفًى أول الباب، فلا تغفل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعيه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٧/ ٤٤٩٨ - وفي "الكبرى" ١٦/ ٦٠٨٧. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" ٢١٥٠ (م) فِي "البيوع" ٣٧٩٤ (د) فِي "البيوع" ٣٤٤٣. وفوائد الْحَدِيث تقدمت. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٤٩٩ - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا