للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "وبيع الكرم بالزبيب كيلا"، فِي رواية مسلم: "وبيع العنب بالزبيب كيلا"، والكرم -بفتح الكاف، وسكون الراء-: هو شجر العنب، والمراد منه هنا نفس العنب، كما أوضحته روايةُ مسلم.

وفيه: جواز تسمية العنب كرما، وَقَدْ ورد النهي عنه، فقد أخرج الشيخان منْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "لا تُسمُّوا العنب كَرْمًا"، وفي رواية: "ويقولون: الكرم، إنما الكرم قلب المؤمن".

ويُجمع بينهما يحمل النهي عَلَى التنزيه، ويكون ذكره هنا؛ لبيان الجواز، وهذا كله بناء عَلَى أن تفسير المزابنة، منْ كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعلى تقدير كونه موقوفًا، فلا حجة عَلَى الجواز، فيحمل النهي عَلَى حقيقته.

واختلف السلف: هل يُلحق العنب أو غيره بالرطب فِي العرايا، فقيل: لا، وهو قول أهل الظاهر، واختاره بعض الشافعيّة، منهم المحب الطبري. وقيل: يُلحق العنب خاصة، وهو مشهور مذهب الشافعيّ. وقيل: يلحق كل ما يُدَّخَر، وهو قول المالكية. وقيل: يلحق كل ثمرة، وهو منقول عن الشافعيّ أيضًا.

والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق تخريجه فِي الباب الماضي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٥٣٧ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ").

رجال هَذَا الإسناد: خمسة:

١ - (قتيبة بن سعيد) الثقفيّ، أبو رجاء البغلانيّ، ثقة ثبت [١٠] ١/ ١.

٢ - (أبو الأحوص) سلّام بنُ سُليم الحنفيّ الكوفيّ ثقة ثبت [٧] ٧٩/ ٩٦.

٣ - (طارق) بن عبد الرحمن البجليّ الأحمسيّ الكوفيّ، صدوقٌ، له أوهام [٥] ٢، ٣٨٩٠.

٤ - (سعيد بن المسيب) بن حَزْن المخزوميّ المدنيّ، ثقة ثبت فقيه [٣] ٩/ ٩.

٥ - (رافع بن خديج) بن عديّ الحارثيّ الأوسيّ الأنصاريّ الصحابيّ الجليل، أول مشاهده أُحد، ثم الخندق، ومات -رضي الله عنه- سنة (٣) أو (٦٤) وقيل: قبل ذلك. والله تعالى أعلم.