بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ) قد تقدّم تمام البحث فيه قبل ستّة أبواب (وَرَخَّصَ فِى الْعَرَايَا) أي فِي بيعِ ثمر العرايا (أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا) تقدّم ضبطها بالكسر، والفتح (يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا) منصوب عَلَى التمييز، وهو تمييز محوّل عن المفعول، والأصل يأكل أهلها رُطَباً.
وزاد البخاريّ منْ رواية عليّ بن المديني، عن ابن عيينة، فِي آخره قصّة ٢/ ٧٦٤: وَقَالَ سفيان مرة أخرى: إلا أنه رَخَّصَ فِي العرية، يبيعها أهلها بخرصها، يأكلونها رطبا، قَالَ هو سواء، قَالَ سفيان: فقلت ليحيى، وأنا غلام: إن أهل مكة يقولون: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، رَخَّص فِي بيع العرايا، فَقَالَ: وما يدري أهل مكة؟ قلت: إنهم يروونه عن جابر، فسكت، قَالَ سفيان: إنما أردت أن جابرا منْ أهل المدينة، قيل لسفيان: وليس فيه: نهى عن بيع الثمر حَتَّى يبدو صلاحه؟، قَالَ: لا. انتهى.
قَالَ فِي "الفتح": وقوله: "وأنا غلام" جملة حاليّة، والغرض الإشارة إلى قدم طلبه، وتقدّم فطنته، وأنه كَانَ فِي سنّ الصبا يُناظر شيوخه، ويباحثهم.
وقوله:"رخّص لهم فِي بيع العرايا الخ" محل الخلاف بين رواية يحيى بن سعيد، ررواية أهل مكة، أن يحيى بن سعيد، قَيَّد الرخصة فِي بيع العرايا بالخرص، وأن يأكلها أهلها رُطبًا، وأما ابن عيينة فِي روايته عن أهل مكة، فأطلق الرخصة فِي بيع العرايا، ولم يقيدها بشيء مما ذكر.
وقوله: قلت: إنهم يروونه عن جابر، فِي رواية أحمد فِي "مسنده" عن سفيان، قلت: أخبرهم عطاء، أنه سمع منْ جابر.
وقوله: قَالَ سفيان: أي بالإسناد المذكور، إنما أردت: أي الحاملُ لي عَلَى قولي ليحيى بن سعيد: إنهم يروونه عن جابر، أن جابرا منْ أهل المدينة، فيرجع الْحَدِيث إلى أهل المدينة، وكان ليحيى بن سعيد أن يقول له: وأهل المدينة رووا أيضًا فيه التقييد، فيحمل المطلق عَلَى المقيد، حَتَّى يقوم الدليل عَلَى العمل بالإطلاق، والتقييد بالخرص زيادة حافظ، فتعين المصير إليها، وأما التقييد بالأكل، فالذي يظهر أنه لبيان الواقع، لا أنه قيد، وعن أبي عبيد، أنه شرطه، والله أعلم.
وقوله:"أليس فيه" -أي فِي الْحَدِيث المذكور- "نهى عن بيع الثمر حَتَّى يبدو صلاحه"، قَالَ: لا، أي ليس هو فِي حديث سهل بن أبي حثمة، وإن كَانَ هو صحيحا منْ رواية غيره.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: لعلّ سفيان نسي ذلك فِي ذلك الوقت، وإلا فقد ثبت عند المصنّف فِي هَذَا الْحَدِيث أن عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن رواه عنه، وَقَدْ