تصريحٌ بتحريم بيع التمر بالتمر حَتَّى يُعلم المماثلة، قَالَ العلماء: لأنّ الجهل بالمماثلة فِي هَذَا الباب كحقيقة المفاضلة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إلا سواءً بسواءٍ"، ولم يحصُل تحقّق المساواة مع الجهل، وحكم الحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، وسائر الرّبويّات إذا بيع بعضها ببعض حكم التمر بالتمر. انتهى. "شرح مسلم" ١٠/ ٤١٣.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه؛ هَذَا الذي قاله النوويّ منْ الحنطة، والشعير، وسائر الربويات، قياسًا عَلَى التمر قد جاء منصوصًا عليه فِي حديث الباب التالي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث جابر -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٣٧/ ٤٥٤٩ و٣٨/ ٤٥٥٠ - وفي "الكبرى" ٣٧/ ٦١٣٨ و٣٨/ ٦١٣٩. وأخرجه (م) فِي "البيوع" ١٥٣١. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع الصبرة المجهولة المقدار بالمعلوم المقدار، وهو التحريم. (ومنها): أنه يدلّ عَلَى أنه لا يجوز أن يباع جنس بجنسه، وأحدهما مجهول المقدار؛ لأن العلم بالتساوي مع اتفاق الجنس شرط، لا يجوز البيع بدونه، ولا شكّ أن الجهل بكلا البدلين، أو بأحدهما فقط، مظِنّة للزيادة والنقصان، وما كَانَ مظنّةً للحرام وجب تجنّبه، وتجنّب هذه المظنّة إنما يكون بكيل المكيل، ووزن الموزون منْ كلّ منْ البدلين. قاله فِي "النيل" ٥/ ٢٠٨.
(ومنها): أنه يدل بمفهومه عَلَى أنه لو باع الصبرة بغير جنسها لجاز. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".