للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، وَكَانَ بَايَعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ لَا يَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، أَنَّ عُبَادَةَ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ قَدْ أَحْدَثْتُمْ بُيُوعًا، لَا أَدْرِي مَا هِيَ: أَلَا إِنَّ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَإِنَّ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ يَدًا بِيَدٍ، وَالْفِضَّةُ أَكْثَرُهُمَا، وَلَا تَصْلُحُ النَّسِيئَةُ، أَلَا إِنَّ الْبُرَّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ، مُدْيًا بِمُدْيٍ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّعِيرِ بِالْحِنْطَةِ يَدًا بِيَدٍ، وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُهُمَا، وَلَا يَصْلُحُ نَسِيئَةً، أَلَا وَإِنَّ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ، مُدْيًا بِمُدْيٍ، حَتَّى ذَكَرَ الْمِلْحَ مُدًّا بِمُدٍّ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "محمد بن آدم": هو الجهنيّ الْمصّيصيّ، صدوقٌ [١٠] ٩٣/ ١١٥ منْ رجال المصنّف، وأبي داود. و"عبدة": هو ابن سليمان الكلابيّ الكوفيّ، الثقة الثبت. و"ابن أبي عروبة": هو سعيد. و"أبو الأشعث الصنعاني": هو شَرَاحيل بن آدة بالمدّ، وتخفيف الدال، ويقال: آدة جدّ أبيه، وهو ابن شُرَحْبِيل بن كُليب، ثقة [٢] ٥/ ١٣٧٤.

[تنبيه]: تقدّم قريبًا أن رواية قتادة هذه بإدخال الواسطة بين مسلم بن يسار، وبين عبادة -رضي الله عنه- هى الصحيحة, وأما رواية ابن سيرين المتقدّمة بدون واسطة، ففيها انقطاع، ولذلك قدّمها المصنّف رحمه الله تعالى عَلَى عادته أنه يذكر الأخبار المعلّلة أوّلاً، ثم يأتي بالأخبار التي لا علّة فيها، ومثله فِي ذلك الترمذيّ رحمه الله تعالى، كما نبّه عَلَى ذلك الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى فِي "شرح علل الترمذيّ"، ونصّه فيها:

وَقَدْ اعتُرض عَلَى الترمذيّ رحمه الله بأنه فِي غالب الأبواب يبدأ بالأحاديث الغريبة الإسناد غالباً، وليس ذلك بعيب، فإنه رحمه الله يُبيّن ما فيها منْ العلل، ثم يُبيّن الصحيح فِي الإسناد، وكأن قصده رحمه الله ذكر العلل، ولهذا تجد النسائيّ إذا استوعب طرق الْحَدِيث بدأ بما هو غلطٌ، ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له. انتهى كلامه (١).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله ابن رَجَب رحمه الله تعالى كلام مفيد جدّا، فتنبّه له ينفعك فِي أبواب كثيرة منْ هَذَا الكتاب. والله تعالى أعلم.

وقوله: "وكان بايع الخ" إشارة إلى أن إنكاره عَلَى أميره إنما هو قيامًا بالوفاء بما عاهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عليه، منْ عدم خوف لومة لائم فِي الله تعالى.

وقوله: "أحدثتم بيوعًا الخ" تقدم فِي رواية مسلم أنهم باعوا مما غنموه آنية منْ فضّة فِي أعطِيات النَّاس، فأنكر ذلك عليهم عبادة -رضي الله عنه-؛ لأنه إن كَانَ البيع بالفضّة، فلابدّ


(١) راجع "شرح علل الترمذيّ" للحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى ص ٢٣٦ بتحقيق صبحي السامرّائي.