للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعنى هنا: أنه فرَزَ ما فيها منْ خرز وذهب، كلَّ نوع لحاله (فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا) أي أكثر منْ الثمن الذي اشتراها به (فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-) ببناء الفعل للمفعول، ويحتمل أن يكون بالبناء للفاعل، ويكون فيه التفات، إذا الظاهر أن يقول: "فذكرت الخ"، وفي رواية مسلم: "فذكرت ذلك للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-" (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ) بالبناء للمفعول: أي لا يجوز بيع هذه القلادة إلا بعد التمييز بين الذهب والخرز؛ لكونه بيع مال ربويّ بجنسه، فيشترط فيه التماثل، ولا يتحقّق ذلك إلا بالفصل.

وفي رواية لمسلم منْ طريق عامر بن يحيى المعافري، عن حنش، أنه قَالَ: كنا مع فَضَالة بن عبيد فِي غزوة، فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب، وورق، وجوهر، فأردت أن أشتريها، فسألت فضالة بن عبيد، فَقَالَ انزع ذهبها، فاجعله فِي كِفّة، واجعل ذهبك فِي كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "منْ كَانَ يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يأخذن إلا مثلا بمثل". انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث فضالة بن عُبيد -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٤٨/ ٤٥٧٥ و٤٥٧٦ - وفي "الكبرى" ٤٩/ ٦١٦٥ و٦١٦٦. وأخرجه (م) فِي "البيوع" ١٥٩١ (د) فِي "البيوع" ٣٣٥١ و٣٣٥٢ (ت) فِي "البيوع" ١٢٥٥ (أحمد) فِي "باقي مسند الأنصار" ٢٣٤٢١ و٢٢٤٤٢ و٢٣٤٤٨. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع القلادة المشتملة عَلَى الذهب والخرز بالذهب، وهو التحريم إلا إذا فُصِّلَت، ومُيّزت، وعُلِمَ الوزنُ. (ومنها): أنه لا يجوز بيع ذهب مع غيره بذهب، حَتَّى يُفصل، فيباع الذهب بوزنه ذهبا، ويباع الآخر بما أراد، وكذا لا تباع فضة مع غيرها بفضة، وكذا الحنطة مع غيرها بحنطة، والملح مع غيره بملح، وكذا سائر الربويات، بل لابد منْ فصلها، وسواء كَانَ الذهب فِي الصورة المذكورة أولا قليلا أو كثيرا، وكذلك باقي الربويات، وهذا القول هو الراجح، وسيأتي تحقيق الخلاف فِي ذلك فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.