قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: فتبيّن بهذا أن سماكًا خالف منْ هو أحفظ منه، وهو داود ابن أبي هند، حيث رواه عن سعيد بن جبير، فوقفه عَلَى ابن عمر، مع أن الأثبات الثلاثة، منْ أصحاب ابن عمر رضي الله عنهما عَلَى وقفه، وهم نافع، وابن المسيّب، وسالم.
والحاصل أن الْحَدِيث موقوفًا صحيح. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي جواز اقتضاء أحد النقدين منْ الآخر:
قَالَ الإِمام الخطّابيّ رحمه الله تعالى: وَقَدْ اختلف النَّاس فِي اقتضاء الدراهم منْ الدنانير، فذهب أكثر أهل العلم إلى جوازه، ومنع منْ ذلك أبو سلمة بن عبد الرحمن، وابن شُبْرُمة. وكان ابن أبي ليلى يكره ذلك إلا بسعر يومه، ولم يَعتبر غيره السعر، ولم يتأولوا، كَانَ ذلك بأغلى، أو بأرخص منْ سعر يومه، والصواب ما ذهب إليه، وهو منصوص فِي الْحَدِيث، ومعناه ما بيّنته لك، فلا تذهب عنه، فإنه لا يجوز غير ذلك. والله أعلم. انتهى "معالم السنن" ٥/ ٢٥ - ٢٦.
وَقَالَ الموفّق رحمه الله تعالى فِي "المغني" ٦/ ١٠٧ - ١٠٨: يجوز اقتضاء أحد النقدين منْ الآخر، ويكون صرفا بعين وذمة، فِي قول أكثر أهل العلم، ومنع منه ابن عباس، وأبو سلمة بِن عبد الرحمن، وابن شبرمة، وروي ذلك عن ابن مسعود؛ لأن القبض شرط، وَقَدْ تَخَلّف، ولنا ما روى أبو داود، والأثرم فِي "سننهما" عن ابن عمر، قَالَ: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه منْ هذه، وأعطي هذه منْ هذه، فأتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله، رُويدك أسألك، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير أخذ هذه منْ هذه، وأعطي هذه منْ هذه؟ فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها، ما لم تفترقا وبينكما شيء".