للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تقدّم أنه أبو الشحم (بِالْمَدِينَةِ) هَذَا محلّ الترجمة، فإنه يدلّ عَلَى أنه -صلى الله عليه وسلم- رهن فِي الحضر (وَأَخَذَ) -صلى الله عليه وسلم- (مِنْهُ) أي منْ ذلك اليهوديّ (شَعِيرًا لِأَهْلِهِ) تقدّم أنها ثلاثون صاعًا، وفي رواية عشرون صاعًا، وتقدّم أيضًا وجه الجمع بين الروايتين.

زاد فِي رواية البخاريّ: "قَالَ: ولقد سمعته يقول: ما أصبح لآل محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا صاع، ولا أمسى، وإنهم لتسعة".

قَالَ فِي "الفتح": قوله: "ولقد سمعته": فاعل "سمعت" أنس، والضمير للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو فاعل "يقول"، وجزم الكرماني بأنه أنس، وفاعل سمعت قتادة، وَقَدْ أشرت إلى الرد عليه فِي أوائل البيوع، وَقَدْ أخرجه أحمد، وابن ماجه، منْ طريق شيبان المذكورة، بلفظ: "ولقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: "والذي نفس محمد بيده"، فذكر الْحَدِيث، لفظ ابن ماجه، وساقه أحمد بتمامه.

وقوله: "ما أصبح لآل محمد، إلا صاع، ولا أمسى"، وفي أبي نعيم فِي "المستخرج" منْ طريق الكجي، عن مسلم بن إبراهيم، شيخ البخاريّ فيه، بلفظ: "ما أصبح لآل محمد، ولا أمسى إلا صاع".

وقوله: "وإنهم لتسعة أبيات فِي رواية: "وإن عنده يومئذ لتسع نسوة".

ومناسبة ذكر أنس لهذا القدر، مع ما قبله، الإشارةُ إلى سبب قوله -صلى الله عليه وسلم- هَذَا، وأنه لم يقله مُتضجّرًا, ولا شاكيًا، معاذ الله منْ ذلك، وإنما قاله معتذرا عن إجابته دعوة اليهودي، ولرهنه عنده درعه، ولعل هَذَا هو الحامل للذي زعم بأن قائل ذلك هو أنس؛ فرارًا منْ أن يُظَنّ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ ذلك بمعنى التضجر. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه البخاريّ.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: أخرجه هنا -٥٩/ ٤٦١٢ - وفي "الكبرى" ٦٠/ ٦٢٠٣. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" ٢٠٦٩ (ت) فِي "البيوع" ١٢١٥ (ق) فِي "الأحكام" ٢٤٣٧ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ١١٩٥٢. وفوائد الْحَدِيث تقدّمت فِي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها الماضي. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي الرهن فِي الحضر:

ذهب الجمهور إلى مشروعيته فِي الحضر؛ لحديث الباب، واحتجوا له أيضًا منْ حيث المعنى، بأن الرهن شُرع توثقة عَلَى الدين؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ