وأولى تفسير ابن القيّم رحمه الله تعالى الآتي قريبًا، وحاصله أن معناه: أن يقول له: بعتك هذه السلعة بعشرة نقدًا، وآخذها منك بعشرين نسيئةً، وهذه هي صورة المسألة المشهورة ببيع العِينة، كما تقدّم البحث عنها، وهذا أشبه المعنى بالحديث، وأما الصورة التي ذكروها منْ ترديد الثمن، فإنها جائزة، كما سيأتي الكلام عليها فِي بحثه الآتي فِي المسألة الرابعة، إن شاء الله تعالى.
(وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) قَالَ الخطّابيّ رحمه الله: يريد بيع العين، دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عند البائع فِي الحال، وإنما نُهي عن بيع ما ليس عند البائع منْ قِبَل الغرر، وذلك مثل أن يبيعه عبده الآبق، أو جمله الشارد، ويدخل فِي ذلك كلّ شيء ليس بمضمون عليه، مثل أن يشتري سلعة، فيبيعها قبل أن يقبضها، ويدخل فيه أيضًا بيع الرجل مال غيره موقوفًا عَلَى إجازة المالك؛ لأنه بيع ما ليس عنده، ولا فِي ملكه، وهو غرر؛ لأنه لا يُدرَى، هل يُجيزه صاحبه، أم لا؟ انتهى "معالم السنن" ٥/ ١٤٣.
زاد فِي الرواية الآتية فِي ٧١/ ٤٦٣٢ و٧٢/ ٤٦٣٣ و٤٦٣٤ - :"ولا ربح ما لم يُضمن" ببناء الفعل للمجهول: ومعناه: أن يبيعه سلعة قد اشتراها, ولم يكن قبضها، فهي منْ ضمان البائع الأول، وليست منْ ضمانه، فهذا لا يجوز بيعه حَتَّى يقبضه، فيكونَ منْ ضمانه. وللإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى بحث مطوّل فِي هَذَا الْحَدِيث سيأتي قريبًا، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع ما ليس عند الإنسان، وهو التحريم. (ومنها): أن يدلّ عَلَى تحريم كلّ غرر فِي تعامل المسلم لأخيه،