المعلومة، صح البيع بإتفاق العلماء، ولو باع الصبرة إلا صاعا منها، فالبيع باطل، عند الشافعيّ، وأبى حنيفة، وصحح مالك أن يستثنى منها ما لا يزيد عَلَى ثلثها، أما إذا باع ثمرة نخلات، فاستثنى منْ ثمر عشرة آصع مثلا للبائع، فمذهب الشافعيّ، وأبي حنيفة، والعلماء كافة بطلان البيع، وَقَالَ مالك، وجماعة منْ علماء المدينة: يجوز ذلك ما لم يزد عَلَى قدر ثلث الثمرة. انتهى "شرح مسلم" ١٠/ ٤٣٧.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه كافّة العلماء منْ عدم صحّة الاستثناء المجهول، ولو كَانَ أقلّ منْ الثلث، هو الأرجح؛ لإطلاق الْحَدِيث، فتبصّر.
والحديث أخرجه مسلم، وَقَدْ تقدم سندًا، ومتنًا فِي "كتاب المزارعة" ٤٥/ ٣٩٠٦ و٣٩٠٧ - وتقدّم شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.
و"إسماعيل بن إبراهيم": هو ابن عليّة المذكور فِي السند الثاني. و"زياد بن أيوب": هو المعروف بدلّويه. و"أيوب": هو السختيانيّ.
وقوله:"والمعاومة" وهو بيع السنين، ومعناه: أن يبيع ثمر الشجرة عامين، أو ثلاثةً، أو أكثر، فيُسمّى بيع المعاومة، وبيع السنين، وهو باطلٌ بالإجماع، نقل الإجماع فيه ابن المنذر، وغيره؛ لهذا الْحَدِيث؛ ولأنه بيع غرر؛ لأنه بيع معدوم، ومجهول، غير مقدور عَلَى تسليمه، وغير مملوك للعاقد. قاله النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٠/ ٤٣٤.
وقوله:"إلا العرايا": تقدم أنها فُسّرت بتفاسير، منها: انها نخل كانت توهب للمساكين، فلا يستطيعون أن ينتظروا بها، فرُخّص لهم أن يبيعوها بخرصها منْ التمر.
والحديث أخرجه مسلم، كما تقدّم بيانه فِي الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".